بإجماع جماعة من أهل الإجتهاد على التولية ولا يجوز أن يعقد لاثنين في وقت واحد فإن عقد لاثنين فالإمام هو الأول وإن عقد لهما معا أو لم يعلم الأول منهما إستؤنفت التولية وينبغي أن يكون الإمام ذكرا بالغا عاقلا عدلا عالما بالأحكام كافيا لما يتولاه من أمور الرعية وأعباء الأمة وأن يكون من قريش فإن اختل شرط من ذلك لم تصح توليته وإن زال شيء من ذلك بعد التولية بطلت ولايته والأولى أن يكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف ولا يحتجب عن الرعية ولا يتخذ بوابا ولا حاجبا فإن اضطر إلى ذلك إتخذ أمينا سلسا ولا يكون جبارا شرسا ويستحب أن يشاور أهل العلم في الأحكام وأهل الرأي في النقض والإبرام ويلزمه النظر في مصالح الرعية من أمر الصلاة والأئمة وأمر الصوم والأهلة وأمر الحج والعمرة وأمر القضاء والحسبة وأمر الأجناد والأمرة ولا يولي ذلك إلا ثقة مأمونا عارفا بما يتولاه كافيا لما يتقلده من الأعمال ولا يدع السؤال عن أخبارهم والبحث عن أحكامهم وينظر في أموال الفيء والخراج والجزية ويصرف ذلك في الأهم فالأهم من المصالح من سد الثغور وأرزاق الأجناد1 وسد البثوق2 وحفر الأنهار وأرزاق القضاة والمؤذنين وغير ذلك من المصالح وينظر في الصدقات ومصارفها ويتأمل أمر المرافق والمعادن ومن يقطعها على ما ذكرناها في مواضعها.
__________
1 - الاجناد: الأعوان مختارالصحاح 113.
2 - وقد بثق الماء وانبثق عليهم إذا أقبل عليهم ولم يظنوا به: لسان العرب 1: 130.