كتاب التلقين في الفقة المالكي

باب الوديعة والعارية
والوديعة أمانة محضة لا تضمن إلا بالتعدي والقول قول المودع في تلفها على الإطلاق مع يمينه وفي ردها إلا أن يكون قبضها ببينة فلا يقبل منه إلا ببينة.
فليس له أن يودعها غيره إلا من ضرورة ويضمن إن أودعها من غير عذر وليس له أن يسافر بها على وجه إلا أن تكون دفعت إليه في السفر فعرضت له الإقامة فله أن يبعثها مع غيره ولا ضمان عليه.
وإذا أنفقها أو بعضها ثم رد قدر ما أنفق سقط عنه الضمان إلا أن يكون المردود قيمة وقيل الضمان باق.
والعارية تمليك منافع العين بغير عوض وهي أمانة في الرباع والحيوان وما يظهر هلاكه ومضمونه فيما يغاب عليه إلا أن تقوم بينة فإن كانت إلى أجل لم يكن للمعير فيها إلى انقضاء الأجل.
باب التعدي والاستحقاق والغصب وما يتصل بذلك
ومن أتلف مالاً لغيره ظلماً لزمه بدل ما أتلف.
والأبدال ضربان: مثل المتلف في الخلقة والصورة والجنس وقيمته وذلك لانقسام المتلفات فالمثل يراعى في المكيل والموزون والقيمة تراعى فيما عدا ذلك من سائر العروض والحيوان والاعتبار في القيمة في حال الجناية ثم الجناية ضربان منها ما يبطل قدراً من المنفعة دون جلها والمقصود من العين فهذا يجب فيه ما نقص ومنها ما يذهب بجملتها أو بالمنفعة المقصودة منها والتي لها تراد.
وإن كانت العين باقية ففي إتلاف جملتها تجب القيمة وفي إتلاف المقصود إن شاء أخذ ما نقص وإن شاء أسلمها وأخذ قيمتها كاملاً وذلك كالمركوب الذي يجني عليه بما لا يمكنه معه ركوبه.
أما مشاهدة أو عادة وكالعبد الذي يتلف المنفعة المقصودة منه بقطع يده أو عرجه وإن بقيت هناك منافع تابعة غير مقصودة والمغصوب مضمون باليد إلى أن يرده وهو مضمون بقيمته يوم الغصب على أي وجه تلف ولا يبرئه إلا رده ثم لا يخلو رده من ثلاثة أحوال إما أن يرده ناقصاً في بدنه أو زائداً فيه أو على الحال التي غصبه عليها فإن رده زائداً في بدنه لزم مالكه أخذه وبريء الغاصب وذلك كالصغير يكبر والعليل يصح والمهزول يسمن وما أشبه ذلك وإن رده ناقصاً في

الصفحة 172