كتاب التلقين في الفقة المالكي

والثالث: أن يكون مما تأتي فيه المماثلة فإن تعذرت لم يجب القود وذلك يكون بثلاثة شروط:
أحدها: يعود إلى الفعل كالشلل وما يضطرب من الكسر وكذهاب بعض البصر والسمع وقطع ما يمنع بعض الكلام من اللسان وما أشبه ذلك.
والثاني: يعود إلى فقد المحل كالأعمى يقلع عين بصير والأقطع يقطع يد الصحيح.
والثالث: يعود إلى عارض يمنعها مع إمكانها قبل حصولها وذلك كعفو بعض الأولياء فيتعذر القود بتعذر تمييز حقه ثم عدنا إلى أصل التقسيم فقلنا.
والرابع: ألا يتعقبه قتل المجروح أو غيره فيجب حينئذ القود في النفس وسقط حكم الجرح إلا أن يكون قصد التمثيل بالمقتول فيجرح ثم يقتل.
واختلف في الواجب بقتل العمد فقيل القصاص فقط ولا تجب الدية إلا بالتراضي وقيل يخير ولي الدم بين القود والدية.
ويجب القصاص في الحل والحرم وقع القتل فيه أو في غيره ولجأ إليه ولا يقاد من قطع أو جرح إلا بعد اندماله فإن اندمل واقفاً على قدر الجناية لا زائداً عليها فالقصاص واجب وإن ترامى إلى زيادة عليه فلا يخلو أن يبلغ النفس أو ما دونها فإن بلغ دونها اقتص من عينه دون سرايته ثم لا يخلو اندمال القصاص أن يكون بقدر الجناية وسرايتها فإن كان ذلك فقد استوفى المقتص حقه أو يكون قاصراً عنها فللمجروح ما بينهما.
أو أن يكون زائداً عليها فالزائد هدر كانت النفس أو دونها.
وإن بلغت الجناية النفس فلا يخلو أن يكون ذلك في الحال أو بعد زمان فإن كان في الحال وجب القصاص في النفس وسقط حكم الجرح وإن كان بعد أيام وجب القتل بقسامة وكل هذا في العمد.
فأما إن كان أصل الجناية خطأ فلا قود فيها ولا في سرايتها وفيها الدية ومقدار ما يجب منها معتبر بالجرح ولا يخلو من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يندمل على موضع الجناية ففيه دية تلك الجناية أو الحكومة إن لم يكن فيها شيء مسمى.

الصفحة 187