كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

خرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، وذكر الله أنه حرم على الذين هادوا طيبات أحلت لهم بظلمهم وصَدِّهم عن سبيل الله وأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل، وأخبر سبحانه أنه يمحق الربا كما يربي الصدقات، وكلاهما أمر مجرَّبٌ عند الناس".
وقال: ومفسدة الغرر أقل من الربا، فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة منه؛ فإن تحريمه أشدُّ ضررًا من ضرر كونه غررًا؛ مثل بيع العقار جملة، وإن لم يعلم دواخل الحيطان والأساس ... فظهر أنه يجوز من الغرر اليسير ضمنا وتبعا ما لا يجوز من غيره.
ولما احتاج الناس إلى العرايا أرخص في بيعها بالخرص ولم يجوِّز المفاضلة المتيقنة؛ بل سَوَّغَ المساواة بالخرص في القليل الذي تدعو إليه الحاجة إذا تَبَيَّنَ ذلك؛ فأصول مالك في البيوع أجود من غيره ... والإمام أحمد موافق لمالك في ذلك في الأغلب؛ فإنهما يحرمان الربا ويشددان فيه؛ لما تقدم من شدة تحريمه وعِظَمِ مفسدته، ويمنعان الاحتيال عليه بكل طريق وإن لم تكن حيلة، وإن كان مالك يبالغ في سَدِّ الذرائع ما لا يختلف قول أحمد فيه، أو لا يقوله، لكنه يوافقه بلا خلاف عنه على منع الحيل كلها ... ففي الجملة: أهل المدينة وفقهاء الحديث مانعون من أنواع الربا منعا محكما مراعين لمقصود الشريعة وأصولها.
وقولهم في ذلك: "هو الذي يؤثر مثله عن الصحابة، وتدل عليه معاني الكتاب والسنة" (¬1) اهـ، فهذا كلام الأئمة في منع الحيل عليه فكيف بالدخول الصريح فيه؟!
وأين في كلام شيخ الإسلام ما يدل على الربا وجواز الدخول فيه عند الحاجة؟!
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى 29/ 22 - 31 ملخصا ومختصرا.

الصفحة 35