كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

مطلوبا، فكيف يقال بجواز الدخول فيه، وقد نص الشارع على تحريمه؟!
وأما الجواب على ما استدلوا به لهذه القاعدة فيقال:
بأن ما نقلوه استدلالا لهذه القاعدة أو تطبيقا لها لا يخرج عن أمور:
1 - إما أن تكون هذه النصوص لا دلالة فيها؛ كالمنقول عن شيخ الإسلام وابن القيم وابن رشد في كيفية التعامل مع المال إذا اختلط المباح منه بالحرام، وأنه لابد من تمييزهما، وأنهما لا يتركان على الشيوع والشركة، كما تقدم.
جاء في أحكام أهل الذمة: "إن عمر بن الخطاب قال: "ولوهم بيعها وخذوا أثمانها".
قال ابن القيم: "وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم جاز لهم شركتهم في ثمنه، وثمنه حلال؛ لاعتقادهم حله، (هذا معنى معاملتهم)، وما باعوه واشتروه بمال الشركة فالعقد فيه فاسد؛ فإن الشريك وكيل، والعقد يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير" (¬1)، وهذا يدل على فساد عقد شراء الأسهم المشتملة على الربا على كلام ابن القيم الذي حمَّلوا قوله ما لا يحتمله، ولا يقوله رحمه الله.
2 - وإما أن تكون في مسائل خالفهم فيها غيرهم، ودلالة قول المجيزين ضعيفة، لا تنهض في مقاومة أدلة تحريم الربا الصريحة التي لا تفرق بين ما كان خالصا وبين ما كان مختلطا مع غيره، وبين ما كان كثيرا وما كان يسيرا مغموسا في الحلال؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع» (¬2)، فهو عام في وضع كل ربا، والمنع من عقده والدخول فيه.
¬_________
(¬1) أحكام أهل الذمة 1/ 275.
(¬2) أخرجه مسلم في صحيحه 3/ 886 كتاب الحج/ باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم 1318 من رواية جابر بن عبد الله.

الصفحة 38