كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

1 - أن هذا الكلام الذي ذكروه قاعدةً ليس على إطلاقه في كل شيء؛ فالخمر مثلا ولو كان قليلا جدا لا يجوز تناوله إذا اختلط بمباح وقد بقي أثره؛ فكذلك خلط الأموال بالأموال المحرَّمة واستثمارها معا، أو أخذ الفوائد عليها معا، وهذا أعظم وأخطر.
قال الغزالي: "والحرام المحض: هو ما فيه صفة محرَّمة لا يُشَكُّ فيها؛ كالشدة المطربة في الخمر، والنجاسة في البول، أو حصل بسبب منهيٍّ عنه قطعا كالمحصَّل بالظلم والربا ونظائره" (¬1).
2 - قال الدكتور صالح المرزوقي (¬2):
"هذه القاعدة لم أجدها بهذا النص في كتب القواعد التي اطلعت عليها، ولم يحلنا الباحثون أصحاب هذا الرأي على المصادر التي تثبت أنها قاعدة، والراجح عندي أنها ليست كذلك، وأن الفقهاء يوردون هذا القول تعليلا لمسألة يعرضونها، وقريب منه في اللفظ قولهم: "العبرة للغالب الشائع لا للنادر".
وفرق بين هذه القاعدة، وذلك التعليل؛ فقاعدة: "العبرة للغالب الشائع لا للنادر" تُعَبِّرُ عن بعض شرائط العرف لكي يعتبر، وهي شرائط الغلبة والشيوع؛ بمعنى أن يكون حاصلا في أكثر الحوادث أو عند أغلب الناس، وأن يكون اشتهار العمل بذلك العرف وانتشاره بين الناس (¬3).
وإذا كان العرف - وهو من الأدلة المعتبرة ـ لا يصحُّ الاحتجاجُ به إذا صادم نَصًّا (¬4) فمن باب أولى عدم الاحتجاج بما ذكر أنه قاعدة
¬_________
(¬1) إحياء علوم الدين 2/ 98.
(¬2) حكم الاشتراك في شركات تودع أو تقرض بفوائد، ص133.
(¬3) المدخل الفقهي 2/ 874، ف504.
(¬4) الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، للدكتور محمد صدقي البورنو، ص170 - 171.

الصفحة 41