كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

وقال البغوي في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا} [البقرة: 275]؛ أي: الذين يعاملون به، وإنما خص الأكل لأنه معظم المقصود من المال (¬1).
وقال الزركشي: وترك الربا قاعدة الأمان، ومفتاح التقوى، ولهذا قال: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] إلى قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَاذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 279]، ويشتمل على أنواع الحرام، وأنواع الخبائث، وضروب المفاسد، وهو نقيض الزكاة، ولهذا قوبل بينهما في قوله: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]، واجتنابه أصل في التصرفات المالية (¬2).
وقال الشنقيطي: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276]: صَرَّح في هذه الآية الكريمة بأنه يمحق الربا؛ أي: يذهبه بالكلية من يد صاحبه، أو يحرمه بركة ماله، فلا ينتفع به، كما قال ابن كثير وغيره، وما ذكر هنا من محق الربا أشار إليه في مواضع آخر كقوله:
{وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 39]، وقوله: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} [الأنفال: 37] (¬3).
واعلم أن الله صرح بتحريم الربا بقوله:
{وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وصرح بأن المتعامل بالربا محارب من الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278].
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَاذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279].
¬_________
(¬1) تفسير البغوي 1/ 261.
(¬2) البرهان في علوم القرآن 1/ 409.
(¬3) أضواء البيان 1/ 160.

الصفحة 45