كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

وصرح بأن آكل الربا لا يقوم ـ أي: من قبره يوم القيامة ـ إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسِّ؛ بقوله:
{الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275].
وأختم هذه النقول بقول الإمام الطبري؛ فإن فيه ردًّا على من قال بجواز المشاركة بهذه الشركات، ثم تطهير هذه المشاركة بإخراج ما فيها من مكاسب وفوائد ربوية.
قال الإمام الطبري:
فإن قال لنا قائل: أفرأيت من عمل ما نهى الله عنه من الربا في تجارته ولم يأكله، أيستحق هذا الوعيد من الله؟
قيل: نعم، وليس المقصود من الربا في هذه الآية الأكل؛ إلا أن الذين نزلت فيهم هذه الآية يوم نزلت، كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا؛ فذكَّرهم بصفتهم، معظمًا بذلك عليهم أمر الربا، ومقبِّحًا إليهم الحال التي هم عليها في مطاعمهم، وفي قوله جل ثناؤه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَاذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...} الآية. [البقرة: 278 - 279]- ما ينبئ عن صحة ما قلنا في ذلك، وأن التحريم من الله في ذلك كان لكل معاني الربا، وأنَّه سواء العمل به وأكله وأخذه وإعطاؤه، كالذي تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله:
«لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه إذا علموا به» (¬1).
¬_________
(¬1) تفسير الطبري 3/ 103.

الصفحة 46