كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

فهذا الحديث نص صريح في تحريم المشاركة في هذه الشركات، أو المضاربة في أسهمها من وجهين:
أحدهما: أنه صرح بلعن الآكل وهو الآخذ، والموكل وهو المعطي؛ فيدخل في عمومه كل معط للربا، ومن يقدم ماله في هذه الشركات فهو معط أو آخذ.
الثاني: أنه أدخل في اللعن الكاتب والشاهد، وفي هذا تنبيه على دخول كل من يشارك في الربا بأي نوع مشاركة أو إعانة.
ودخول من يقدم أمواله لهذه الشركات لتودع جزءا منها مقابل فوائد ربوية من باب أولى؛ لأنه معط للربا.
وكذلك من يشارك بأمواله من يقترض أموالا ربوية، وتخلط هذه الأموال معا، وتستثمر في نشاط هذه الشركة وتدفع الفوائد على هذه القروض من مجموع الأموال؛
حتى ولو أراد التطهير، فإن هذا لا يخرجه عن عموم هذا اللعن والتحريم.
قال ابن القيم: "إن الربا لم يكن حراما لصورته ولفظه، وإنما كان حراما لحقيقته التي امتاز بها عن حقيقة البيع؛ فتلك الحقيقة حيث وجدت وجد التحريم في أي صورة ركبت، وبأي لفظ عبر عنها؛ فليس الشأن في الأسماء وصور العقود، وإنما الشأن في حقائقها ومقاصدها وما عقدت له" (¬1).
ثم بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الربا تفشَّى في هذه الأمة، ولعل الواقع يدل على ذلك، وأن الإنسان سيأخذ المال غير مبال ممن أصابه أو اكتسبه، ثم عاقبة أمره إلى قلة وخسار:
¬_________
(¬1) إعلام الموقعين 3/ 148.

الصفحة 53