كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

وبمثل فتوى ابن عباس أفتى طائفة من التابعين؛ منهم عطاء، وابن سيرين، وطاووس، ومجاهد، والضحاك (¬1).
رابعا: الأدلة من الاعتبار والنظر المبني على الأثر:
1 - القاعدة المعروفة: (الشك في التساوي كتحقق التفاضل).
فإذا كان مجرد وجود شك في تساوي البدلين يمنع من صحة المعاملة بحيث يلحقها فيما تحقق فيه التفاضل ـ كما تدل على ذلك أدلة تحريم المزابنة والمحاقلة (¬2)؛ فوجود الربا المحقق من باب أولى؛ كما في أسهم الشركات التي تقترض بفوائد، أو تودع أموال المساهمين أو الفائض منها في البنوك وتأخذ عليها فوائد ربوية، وأموال المساهمين شائع بعضها في بعض لا يمكن تمييزه؛ فالمساهمة في مثل هذه الشركات أو المضاربة بأسهمها تمكين لهذه الشركات من تشغيلها بفوائد ربوية، أو خلطها بأموال مقترضة بفوائد ربوية؛ فالربا متأصل فيها من كل ناحية.
2 - كل عقد يدخله الربا فهو باطل أو فاسد باتفاق المذاهب، وبطلانه أو فساده من وجهين:
الوجه الأول:
أنه منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد إذا عاد إلى ذات المنهي عنه، أو وصفه الملازم له، وهو هنا قد عاد إلى وصف الملازم ـ وهو الربا ـ
¬_________
(¬1) مصنف ابن أبي شيبة 4/ 296.
(¬2) كحديث أبي سعيد: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة والمحاقلة»، والمزابنة: اشتراء التمر بالتمر في رؤوس النخل. أخرجه البخاري 2/ 763، كتاب البيوع، باب بيع المزابنة، ومسلم في صحيحه 3/ 1179، حديث رقم (1546)، وحديث جابر: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة والمحاقلة»، والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل معلوم. أخرجه مسلم 3/ 1175، حديث رقم (1536).

الصفحة 56