كتاب الأسهم - حكمها وآثارها

أو تقترض بفوائد قد اختلت عقودها؛ لفقدانها هذا الشرط وهو الإباحة.
والعقود الفاسدة لا يثبت فيها الملك، ولا يصح التصرف فيها، قال في الإنصاف (¬1): "المقبوض بعقد فاسد لا يملك به، ولا ينفذ تصرفه على الصحيح من المذهب". جزم به المصنف والشارح وغيرهما وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المغني: "فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة، فإنه يقع فاسدا، وعليه الضمان؛ لأن عقد الوكيل يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير، فأشبه ما لو اشترى به ميتة، أو عامل بالربا".
وقال في بدائع الصنائع (¬2): "ولأن اشتراط الربا في البيع ونحو ذلك معصية، والزجر عن المعصية واجب، واستحقاق الفسخ يصلح زاجرا عن المعصية؛ لأنه إذا علم أنه يفسخ فالظاهر أنه يمتنع عن المباشرة"، وقال فيه: "والملك الخبيث لا يفيد إطلاق الانتفاع؛ لأنه واجب الرفع" (¬3).
3 - أن الشارع حرم الربا من كل وجه، وحرم كل وسيلة أو فعل يتوصل به إلى الربا، كما في بيع العينة (¬4)
ونحوها؛ فلاشك أن تحريم
¬_________
(¬1) 4/ 362.
(¬2) 5/ 300.
(¬3) وفي البحر الرائق 5/ 282 ومنها ـ أي شروط البيع ـ الخلو عن شبهة الربا. وفي الدر المختار: وبطل بيع مال غير متقوم أي غير مباح الانتفاع به 52/ 55.
(¬4) انظر: فتح القدير لابن الهمام 7/ 148، البحر الرائق 6/ 216، القوانين الفقهية لابن جزي 1/ 171، إرشاد الفحول 1/ 412 - 413، وبيع العينة مأخوذ من العين وهو المال الحاضر؛ لأنه يبيع به، وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة.
وفي الاصطلاح: هو أن يبيع الرجل من الرجل السلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به. انظر: تفسير القرطبي 2/ 59، الدر المختار 5/ 325، فتح الباري 4/ 401، الكافي لابن قدامة 2/ 25، الإنصاف 4/ 335، الدراري المضيئة 1/ 208، سبل السلام 3/ 42، التعريفات 1/ 69. ويطلق عليها المالكية بيوع الآجال. انظر: الكافي لابن عبد البر 1/ 325، الشرح الكبير للدردير 3/ 76.
ومن أدلة تحريم بيع العينة: حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم».

وما رواه أبو إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم فقالت: يا أم المؤمنين، إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة وأني ابتعته منه بتسعمائة درهم نقدا، فقالت عائشة: بئسما اشتريت وبئسما شريت، أخبري زيدا أن قد أبطل جهاده مع رسول الله إلا أن يتوب.

الصفحة 58