كتاب أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

الكلام (¬١)، وهو كما قال (¬٢)، فان هذا القول لا يعرف لأحد من أهل السنة غير أبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ وابن منده عليهم رحمة الله.
قال أبو ثور رحمه الله: "إنما هو على صورة آدم ليس هو على صورة الرحمن" (¬٣).
وقال ابن خزيمة رحمه الله: "فصورة آدم ستون ذراعًا التي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن آدم عليه السلام خلق عليها، لا على ما توهم بعض من لم يتحر العلم، فظن أن قوله: (على صورته): صورة الرحمن، صفة من صفات ذاته جل وعلا عن أن يوصف بالموتان والأبشار (¬٤)، قد نزه الله نفسه وقدس عن صفات المخلوقين، فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] " (¬٥).
وقال الخطابي رحمه الله: "قوله: (خلق الله آدم على صورته)، الهاء: وقعت كناية بين اسمين ظاهرين، فلم يصلح أن تصرف إلى الله عز وجل لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، فكان مرجعها إلى آدم، والمعنى: أن ذرية آدم إنما خلقوا أطوارًا، كانوا في مبدأ الخلقة نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم صاروا صورًا أجنة إلى أن تتم مدة
---------------
(¬١) انظر: تأويل مختلف الحديث (٢٠٤).
(¬٢) انظر مثلًا: أساس التقديس في علم الكلام للرازي (٧١) فقد عقد فصلًا في تأويل حديث الصورة ذكر فيه أن عود الضمير له ثلاث احتمالات، الثاني منها قال: "أن يكون الضمير عائدًا إلى آدم عليه السلام، وهذا أولى الوجوه الثلاثة".
(¬٣) طبقات الحنابلة (٢/ ٨٩ - ٩٠)، وانظر: (٢/ ٣٣٦).
(¬٤) الموتان: ضد الحيوان، وهو كل شيء غير ذي روح. انظر: تهذيب اللغة (١٤/ ٢٤٤) مادة: (موت)، والأبشار: جمع بشر. انظر: لسان العرب (٤/ ٦٠) مادة (بشر)، وقد ذكر المحقق (١/ ٩) هامش (٦) أن في بعض النسخ: "بالذرعان والأشبار" بدلًا من: "الموتان والأبشار"، ولعل هذا هو الصواب، حيث إن شيخ الإسلام ابن تيمية قد نقل هذا الكلام من كتاب ابن خزيمة فذكره بهذا اللفظ. انظر: ص (١٤٧) من هذا البحث ففيه نقل كلامه.
(¬٥) التوحيد (١/ ٩٤).

الصفحة 120