كتاب أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

وأعظم من يُحتاج إلى معرفة مراده، هو الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، لأن على هذه المعرفة ينبني الاعتقاد والعمل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا بد في تفسير القرآن والحديث من أن يعرف ما يدل على مراد الله ورسوله من الألفاظ، وكيف يفهم كلامه" (¬١).
وقال أيضًا: "معرفة مراد الرسول، ومراد الصحابة، هو أصل العلم وينبوع الهدى" (¬٢).
والقاعدة عند أهل السنة والجماعة في نصوص الكتاب والسنة: أنهم يُجْرُوْنَهَا على ظاهرها، معتقدين أنه هو الحق الذي يوافق مراد الله تعالى، ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-، لا سيما ما ليس للرأي فيه مجال، كنصوص الصفات (¬٣) والمعاد وغيرها من أمور الغيب (¬٤).
قال الشافعي رحِمهُ الله: "آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" (¬٥).
ومما يُوَضِّحُ هذا ويبينه، أنه من المعلوم بالضرورة أن الشارع متصف بكمال العلم، وصدق الحديث، وقوة الفصاحة وحسن البيان، وقصد الهدى والبيان والإرشاد (¬٦)، وقد تكلم باللسان المفهوم لدى المخاطبين، فوجب قبول كلامه وفهمه على ظاهره.
---------------
(¬١) مجموع الفتاوى (٧/ ١١٦)، وانظر: (٧/ ١١٤ - ١١٥).
(¬٢) مجموع الفتاوى (٥/ ٤١٣).
(¬٣) يلاحظ ارتباط هذه القاعدة كثيرًا بنصوص الصفات في كلام أهل العلم، وذلك لتعرضها للتحريف والتأويل الباطل أكثر من غيرها، وإلا فهي واجبة في جميع نصوص الكتاب والسنة.
(¬٤) انظر: القواعد المثلى (٣٣)، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان بن علي حسن (١/ ٣٩١)، وما بعدها.
(¬٥) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٤)، وانظر: (٤/ ٢).
(¬٦) انظر: الصواعق (١/ ٣١٠، ٣٢٠)، وشرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد العثيمين (١/ ١٣١).

الصفحة 50