كتاب أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة
الثقة إلا بنص مثله، يدل على نسخه أو تخصيصه أو استحالته، فكيف والجمع بين الذي أنكرته وأثبته غيرها ممكن" (¬١).
وقال الخطابي: "تأويل قتادة في هذا أحسن من رأي عائشة، وادِّعائها على ابن عمر الغلط، وحديث أبي طلحة يؤكد ما رواه ابن عمر" (¬٢).
وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى ورود رواية عن عائشة -رضي الله عنها-، توافق فيها رواية بقية الصحابة، فقال رحَمه اللهُ: "ومن الغريب أن في المغازي لابن إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشة مثل حديث أبي طلحة، وفيه: (ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)، وأخرجه أحمد بإسناد حسن، فإن كان محفوظًا فكأنها رجعت عن إنكاره، لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة، لكونها لم تشهد القصة" (¬٣).
وأما مسألة سماع الموتى على وجه العموم فالذي يترجح -والله تعالى أعلم- أن الأصل عدم السماع، فلا يثبت منه إلا ما ورد النص بإثباته- على ما جاء في القول الثالث، لقوة أدلتهم، وإجابتهم عن أدلة المخالفين -لأن أحوال البرزخ من عالم الغيب الذي لا يجوز لأحد أن يقول فيه برأيه أو اجتهاده، بل يتعين فيه الوقوف عند حدود ما ورد.
قال ابن عطية: "قد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أنتم بأسمع منهم) فيشبه أن قصة بدر هي خرق عادة لمحمد -عليه السلام-، في أن رد الله إليهم إدراكًا يسمعون به مقاله، ولولا إخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين منهم" (¬٤).
وقال ابن التين (¬٥): "لا معارضة بين حديث ابن عمر والآية، لأن
---------------
(¬١) الفتح (٧/ ٣٠٤).
(¬٢) أعلام الحديث (٣/ ١٧٠٨).
(¬٣) الفتح (٧/ ٣٠٣ - ٣٠٤).
(¬٤) المحرر الوجيز (١٢/ ١٣٠)، وانظر: (١٣/ ١٦٩).
(¬٥) هو الإمام المحدث أبو محمد عبد الواحد بن التين الصفاقصي المالكي، له عناية =