كتاب التوحيد لابن منده - ت الوهيبي والغصن

من خراسان مع أبى، فلما وصلنا إلى ها هنا إذا نحن بأربعين وقرا من الأحمال، فظننا أنها منسوج الثياب، وإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، فإذا هو والدك، فسأله بعضنا عن تلك الأحمال فقال: هذا متاع قل من يرغب فيه فى هذا الزمان هذا حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬١).
وقال أبو على الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ فى الدنيا قديماً وحديثاً ألا ترون إلى قريحة أبى عبد الله (¬٢).
وقال الذهبى: وكان من دعاة السنة وحفاظ الأثر (¬٣).
وكان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده.
وكان من شدته ربما اختفى أبونعيم خوفاً من سطوته.
وقال عبد الرحمن بن منده: سمعت محمد بن عبيدالله الطبرانى يقول: قمت يوماً فى مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشؤوم - أعنى أبا نعيم الأشعرى - فقال: أخرجوهم: فأخرجنا من المجلس فلاناً وفلانا، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروى عنها، فإن فعل فليس هو منا فى حلّ.
قال الذهبى: ربما آل الآمر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة فيقع فى الهجران المحرّم، وربما أفضى التفكير والسعى فى الدم، وقد كان أبوعبدالله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ - أى أبى نعيم - بحيث أن أحمد اختفى (¬٤).
_________
(¬١) سير أعلام النبلاء ٣٧/ ١٧.
(¬٢) تذكرة الحفاظ ١٠٣٣/ ٣.
(¬٣) ميزان الاعتدال ٤٧٩/ ٣.
(¬٤) سير أعلام النبلاء ٤١/ ١٧.

الصفحة 28