كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة

الاْنْقِيَادِ فَهَذِهِ إِشَارَة مُخْتَصَرَة تُعْرَفُ بها الحِكْمَةُ في جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَالله أَعْلَمُ (¬1).
السادسة عشرة: إِذَا نَفَرَ مِنْ مِنىً فِي الْيَوْمِ الثانِي أو الثالِثِ (¬2) انْصَرَفَ مِنْ جَمْرَةِ العَقَبةِ رَاكِباً كَمَا هُوَ وَهُوَ يُكَبِّرُ وَيُهَللُ وَلاَ يُصَلي الظهْرَ بِمَنى بَلْ يُصَليهَا بِالْمَنْزِلِ الْمُحَصَّبِ (¬3) أوْ غَيْرِهِ وَلَوْ صَلاَّهَا بِمنىً جَازَ وَكَانَ تَارِكاً للأَفْضَلِ وَلَيْسَ عَلَى الْحَاجِ بَعْدَ نَفْرِهِ مِنْ مِنىً عَلَى الْوَجْهِ المَذْكُورِ إِلا طَوَافُ الْوَدَاع.
السابعة عشرة: صَحَّ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أتَى المُحَصَّبَ (¬4) حِينَ نَفَرَ مِنْ مِنىً.
وعن ابن عُمر رضي الله عنهما أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أتى الْمُحَصَّبَ فَصَلَّى بِهِ الظهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَهجَعَ هَجْعَةً (¬5) ثُمَّ دَخَلَ مَكّةَ وَطَافَ وَهَذَا التحْصيبُ مُسْتَحَب (¬6) اقتداء بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ هُوَ مِنْ سُنَنِ الْحج وَمَنَاسِكِهِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا صَحَّ عَنْ ابن عَباس رَضِيَ الله عَنْهُمَا أنَّهُ قَالَ: لَيْسَ التحْصِيبُ بسُنةِ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِل نَزَلَ فِيهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهذا الْمحصبُ بالأَبْطَح
¬__________
(¬1) قد تقدم الكلام في التعليق أول الكتاب على أسرار الحج وذكرياته، ومنافعه دينية ودنيوية فراجعها تستفد.
(¬2) أي من أيام التشريق.
(¬3) سيأتي الكلام على المحصب وعلى موضعه في المسألة السابع عشرة إن شاء الله تعالى.
(¬4) قال المصنف في شرح مسلم رحمهما الله تعالى: والمحصب بفتح الحاء والصاد المهملتين، والحَصبْة بفتح الحاء وإسكان الصاد، والأبطح والبطحاء، وخيف بني كنانة اسم لشيء واحد. وأصل الخيف كل ما انحدر عن الجبل وارتفع عن المسيل.
(¬5) أي نام نومة خفيفة بالليل.
(¬6) وهو مذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة ويحكى عن أبي حنيفة أنه نسك.

الصفحة 374