كُسْوَةً كَامِلَةً أري فِي الْمَنَامِ أنْ يكْسُوهَا فَكَسَاهَا الأَنْطَاعَ (¬1) ثُمّ أُرِي في الْمَنَامِ أَنْ يَكْسُوهَا الْوَصَائِل وَهِيَ ثِيَاب حَبَرةٍ (¬2) مِنْ عَصْبِ الْيَمَنِ ثُم كَسَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُم رَوَى الأَزْرقِي فِي رِوَايَاتٍ مُتَفَرَّقَةٍ حَاصِلُها أَن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كَسَا الْكَعْبَةَ ثِيَاباً يمانِيةً ثُم كَسَاهَا أبُو بكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَمُعَاوِيةُ وَابْنُ الزبيرِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وإن عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُ كَانَ يَكسُوهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فيكْسُوهَا القَبَاطِيّ (¬3) وَكَسَاهَا ابْنُ الزبَيْرِ وَمُعَاوِيةُ الديباجَ (¬4) وَكَانَتْ تكْسَى يَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ صَارَ مُعاوِيةُ يكْسُوهَا مَرتَيْنِ ثُم كَانَ المأمُونُ يكْسُوهَا ثَلاَثَ مَرات فَيَكْسُوهَا الديْبَاج الأحمرَ يوْمَ التروِية (¬5) وَالقِبَاطِي يَوْمَ هِلاَلِ رَجب والديباجَ الأبْيَضَ يَوْمَ سَبع وَعشرِينَ مِنْ رَمَضَاَن وَهَذَا الأَبْيَضُ ابتدأه المأمُونُ سنةَ ستّ وَمَائتين حين قالُوا له: الديباجُ الأحمر يتخرّقُ قَبْلَ الْكُسْوَةِ الثانِيةِ فَسَأَلَ عَنْ أَحْسَنِ مَا تكونُ فيه الكعبةَ فقيلَ لَهُ: الديْبَاجُ الأبْيَضُ فَفَعَلَهُ.
السابعةُ والثلاثونَ: في تزيينِ الكعبة بالذهبِ وَكَيفَ كَانَ ابتداوهُ.
¬__________
= مَلَكَ اليمن والشجر وحضرموت. أقول: لا تعارض بين القولين لحمل تُبع الذي ورد فيه الخبر على هذا (أسعد أبي كرب) الذي كسا الكعبة، وقال الشعر مصدقاً برسالته - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم.
(¬1) بسط من الجلد.
(¬2) أي مخططة يعصب غزلها -أي يجمع- ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشياً لبقاء ما عصب أبيض لم يصبه الصبغ، يقال: (برد عصب) بالوصف والإضافة هي ما تُسمى في الحجاز: (المصانف اليمانية) والله أعلم.
(¬3) القباطي: ثياب بيض رقيقة كان يصنعها القبط بمصر.
(¬4) الديباج: ما غلظ من الحرير.
(¬5) هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وسمي بيوم (التروية) لأن الناس كانوا في السابق يتروون فيه الماء من مكة، ويحملونه معهم إلى عرفة، وقيل غير ذلك والله أعلم.