كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة

الثانيَة (¬1): إذَا عَزَمَ عَلَى الْحَج (¬2) فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَخِيرَ اللهَ تَعَالَى (¬3) وَهَذِهِ الاسْتِخَارَة لا تَعُودُ إِلَى نَفْس الْحَج فَإِنهُ خَيْر لاَ شَك فِيهِ وَإنمَا تَعُودُ إلى وَقْتِهِ (¬4) فَمَنْ أَرَادَ الاسْتِخَارَةَ يُصَلي رَكْعَتَيْن (¬5) مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَة ثُم يقُولُ (¬6): اللَّهُمَّ إِنّي أسْتَخيرُكَ (¬7) بعِلمكَ (¬8) وَأسْتَقْدِرُكَ (¬9) بقُدْرَتِكَ (¬10) وَأَسْألكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيم فَإنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أعْلَمُ وَأنْتَ عَلامُ الْغُيُوب، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ ذَهَابي إلى الحَج (¬11) في هَذَا العَام خَيْرٌ لي في ديني ودنياي وَمَعَاشي وَعَاقِبة
¬__________
(¬1) ظاهر هذا الترتيب أن الأولى تقديم الاستشارة على الاستخارة لأن الطمأنينة إلى قول المستشار أقوى منها إلى النفس لغلبة حظوظها، وفساد خواطرها.
(¬2) يلحق بالحج العزم على كل واجب ومندوب موسع بل تندب الاستخارة حتى في المباح.
(¬3) أي لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سعادة ابن آدم استخارة الله تعالى ومن شقاوة ابن آدم ترك استخارة الله تعالى".
(¬4) نظير ما مَرّ في الاستشارة، والاستخارة هي طلب خير الأمرين من الفعل الآن أو الترك، ولا يتصور هذا إلا في الموسع دون المضيق لأنه لا رخصة في تأخيره.
(¬5) أي في غير وقت الكراهة إلا بحرم مكة فيصلي مطلقاً ومثلها كل نافلة فيجزىء عنها في إسقاط الطلب، وكذا في حصول الثواب إن نويت.
(¬6) أي عقب الصلاة لا فيها ويسن افتتاح الدعاء وختمه بالحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الدعاء إن كرره.
(¬7) أي أطلب منك خير الأمرين.
(¬8) الباء للسببية أي أسألك شرح صدري لخير الأمرين بسبب علمك المحيط بكل الأشياء إذ لا يعلم خيرها حقيقة إلا من كان علمه محيطاً بكل الأشياء.
(¬9) وفي رواية: (وأستهديك) والمعنى متقارب.
(¬10) أي بسبب أنك القادر الحقيقي، ولا يمكن لأحد أن يقدر على شيء إلا إن قَدرْتَه عليه، أي خلقت فيه الاستطاعة.
(¬11) أشار إلى ما في حديث البخارى رحمه الله تعالى من أنه يسمي حاجته ليكون ذلك أبلغ وأوضح.

الصفحة 46