كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

لك الندم وتحل بك النقم إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها وإن مثلك مثل شاة عطشانة ولهانة ضائعة جائعة نزلت في مرج أفيح غزير ماؤه كثير عشبه ومرعاه فشربت ماء وأكلت عشباً فرويت بعد ظمائها وشبعت بعد جوعها واستحسنت بعد قبحها فلما تكامل حسنها ذبحت ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون وأن أمير المؤمنين يضرب لك مثلاً عن جده المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لما أنزل عليه " والضحى والليل إذا سبحا ما ودّعك ربَك وما قالَ " إلى قوله عز وجل: " ألم يجدك يتيماً فآوَى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأَغنى " فبدلت النعمة كفراً ووضعت موضع الخير شراً وقد انتهى إلى حضرة أمير المؤمنين افتخارك بجميع الأموال واكتنازك لها لأمر لا يدهمك أو ليوم ينفعك أفما قرأت القرآن العظيم أما تدبرت قول الملك الرحيم في قصة قارون لما بغى واعتدى وازداد في الطغيان حيث يقول جل وعلا: " فخسفنا به وبداره الأرض " فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين أما رأيت الأمم الماضية الذين عادوا الدولة ونصبوا لها العداوة الشديدة انظر إلى ديارهم كيف قل فيها الساكنون وكثر عليها الباكون قال الله تعالى: " فتلك بيوتهم حاويةً بما ظلموا " إن في ذلك لآية لقوم يعلمون فاشتغل عن اصلاح العين وعن خطرك في حساب

الصفحة 123