كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

الفرقدين وافتكر في رب المشرقين ورب المغربين حيث يقول جل جلاله: " أَلم نجعل لهُ عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين " وقد عرف أمير المؤمنين
بكتاب الله الأعلى الذي نزل على خاتم الأنبياء حيث يقول: " وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون " فلما سمع ما اشتمل عليه هذا السجل من الانكار والوعظ بالآيات والتخويف عظم الأمر عليه وضاق صدره لتغير النية فيه ورأى من الصواب إعادة الجواب بالتلطف والتنصل مما ظن به والاعتذار والترفق في المقال والاعتراف بما شمله قديماً وحديثاً من الاحسان والافضال فكتب بعد البسملة: كتب عبد الدولة العلوية والامامية الفاطمية والخلافة المهدية عن سلامة تحت ظلها ونعمة منوطة بكفلها وهو متبرئ إليها من ذنوبه الموبقة واسائته المرهقة لا بد بعفو أمير المؤمنين متنصل أن يكون في جملة المجرمين المذنبين عن غير اساءة اقترفها ولا جناية احتقبها عائد بكرمها صابر لحكمها لقوله تعالى " وبشّر الصابرين " وهو تحت خوف ورجاء وتضرع ودعاء قد ذلت نفسه بعد عزها وخافت بعد أمنها ورسخت بعد رفعتها ومن يضلل الله فما له من هاد وأي قرب لمن أبعدته وأي رفعة لمن حططته والعبد يفخرها شمخ ويحدرها طال وبذخ فزلت نصبته وطالت أرومته وسمت فروعه وكان كقوله تعالى " وَضَرَبَ الله مثلاً كلمةً طيّبة كشجرة طيّبةٍ أَصلها ثابتٌ وفرعها في السماء تُؤتي أُكُلها كل حينٍ باذن ربّها ". فلما أنكرت الدولة حاله وقبحت أفعاله

الصفحة 124