كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

وإن أحق من عول عليه في الوزارة وأسند إليه أمر السفارة ونصب لحفظ الأموال وتمييزها وسياسة الأعمال وتدبيرها وإيالة طوالف الرجال كبيرها وصغيرها من كان حفيظاً لما يستحفظ من الأمور قووماً بمصالح الجمهور عليماً بمجاري السياسة والتدبير ولذاك قال يوسف الصديق عليه السلام اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليهم ولو استغنى أحد من رعاة العباد عن وزير وظهير يكاتبه على أمره ويظاهره لكان كليم الله موسى صلى الله عليه وهو القوي الأمين عنه مستغنياً ولم يكن له من الله جل جلاله طالباً مستدعياً وقد قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هرون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً ولما كنت بالأمانة والكفاية علماً وعند أهل المعرفة والدراية مقدماً وكان الكتاب على اختلاف طبقاتهم وتفاوت درجاتهم يسلمون إليك في الكتابة ويقتدون بك في الاصابة ويشهدون لك بالتقدم في العناء ويهتدون بحلمك اهتداء السفر بالنجم في الليلة الظلماء ولا يتناكرون الانحطاط عن درجتك في الفضل لتفاوتها في الارتفاع ولا يرد ذلك راد من الناس أجمعين الا خصمه وقوع الاجماع هذا مع المعروف من استقلالك بالسياسة واستكمالك لأدوات الرئاسة وتدبيرك أمور المملكة
وما ألف برشد وساطتك من سمو اليمن والبركة رأي أمير المؤمنين وبالله توفيقه أن يستكفيك أمر وزارته وينزلك أعلى منازل الاصطفاء بخاص أثرته ويرفعك على جميع الأكفاء بتام تكرمته وينوه باسمك تنويهاً لم يكن لأحد قبلك من الظهراء في دولته

الصفحة 130