كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

لرجال دولته دانيهم وقاصيهم بارك الله فيهم وأن يتوفر على ما يعود بصلاح أحوالهم وانفساح أمالهم وانشراح صدورهم وانتظام أمورهم إذ كانوا كتائب الاسلام ومعاقل الأنام وأنصار أمير المؤمنين المحفوفين بالاحسان والانعام حتى تحسن أحوالهم بجميل نظرك ويزول سوء الأثر فيهم بحسن أثرك وكذلك الرعايا بالحضرة وأعمال الدولة فأمرهم من المعني به والمسؤول عنه وأمير المؤمنين يأمرك بأن تستشف خيرة الولاية فيهم فمن ألفيته من الرعية مظلوماً أوعزت بنصفته ومن صادفته من الولاة ظلوماً تقدمت بصرفه وحسم مضرته ومعرته. فأما الناظرون في الأموال من ولاة الدواوين والعمال فقد أقام أمير المؤمنين عليهم منك المنقي الزكاء طباً بالأدواء لا يصانع ولا تطيبه المطامع ولا ينفق عليه المنافق ولا يعتصم منه الخؤون السارق كما إنه لا يخاف لديه الثقة الناصح ولا يخشى عاديته الأمين في خدمته المجتهد الكادح والذي يدعو المتصرف إلى أن يحمل نفسه على الخطة النكراء في الاحتجار والارتشاء أحد أمرين أما حاجة تضطره إلى ذلك أو جهالة تورده المهالك فإن كان محتاجاً سد رزق الخدمة فاقته ورجا الراجون برءه من مرض الاسفاف وإفاقته وإن كان جاهلاً فالجاهل لا يبالي على ما أقدم عليه ولا يفكر في عاقبة ما يصير أمره إليه ومن جمع هذين القسمين كانت نفسه أبداً تسف ولا تعف ويده تكف ولا تكف ووطأته تثقل ولا تخف فلا ترب من تنزه وعف ولا أثرى من رضي لنفسه بدنيء المكسب وأسف. وما يستزيدك أمير المؤمنين على ما عندك من حسن التأني والاجتهاد في اصلاح الفاسد واستصلاح المعاند واستفاءة الشارد بالمعصية إلى طاعنه وإعطاء رجال الدولة ما توجب لها حقوق الخدمة من فضل نعمته، وأمير المؤمنين يقول بعد ذلك قولاً يؤثر عنده في المشرق والمغرب ويصل إلى الأبعد والأقرب

الصفحة 132