كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

والناس إذ ذاك في ضر وجهد قد توالى عليهم الجدب وغلا السعر وعز الأقوات وأقام الفساسيري بمكانه والقتال في كل يوم متصل بين الفريقين في السفن بدجلة. فلما كان يوم الجمعة الثاني دعي المستنصر بالله صاحب مصر على المنبر بجامع المنصور وزيد في الآذان حي على خير العمل. وشرع في بناء الجسر بعقد باب الطاق وكف الناس عن المحاربة أياماً وحضر يوم الجمعة الثاني من الخطبة فدعي لصاحب مصر في جامع الرصافة. وخندق الخليقة القائم بأمر الله حول داره ورم ما تشعث منها ومن أسوار المدينة فلما كان يوم الأحد لليلتين بقيتا من ذي القعدة حشد الفساسيري أهل الجانب الغربي والكرخ ونهض بهم إلى محاربة الخليفة ونشبت الحرب بين الفريقين يومين وقتل منهما الخلق الكثير. وأهل هلال ذي الحجة فزحف الفساسيري إلى ناحية دار القائم الخليفة فأضرم النار في الأسواق بنهر معلى وما يليه وعبر الناس لانتهاب دار الخليفة فنهب منها ما لا يحصى كثرةً وعظماً. ونفذ الخليفة إلى مونس بن بدر الصقلي وكان قد ظاهر الفساسيري فاذم للخليفة في نفسه ولقيه قريش أمير بني عقيل فقبل الأرض دفعات وخرج الخليفة من الدار راكباً وبين يديه راية سوداء وعليه قباء أسود وسيف ومنطقة وعلى رأسه

الصفحة 147