كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

حقت الحقائق أشار علينا بالهرب وإذا هربنا فأي وجه يبقى لنا عند الملوك وزوجة من يهرب اليوم طالق ليس إلا السيف فأما لنا وأما علينا. وسمع ابن المغربي ما قاله ابن الخفاني فخاف بكجور وقد كان واقف بدوياً من شيوخ بني كلاب يعرف بسلامة بن بريك على أن يحمله إلى الرقة متى كانت هزيمة وبذل له ألف دينار على ذلك فما استشعر من بكجور ملابسه تشعره سامه تسييره قبل الوقت الذي أعده له فأوصله إلى الرقة. وعمل بكجور على ما فيه من قوة النفس وفضل الشجاعة على أن يعمد إلى الموضع الذي فيه سعد الدولة من مصافه ويهجم عليه بنفسه ومن يقتحمه معه من صناديد غلمانه ويوقع به واعتقد أنه إذا فعل ذلك وكبس الموضع وانهزم الناس وملك فاختار من غلمانه من ارتضاه ووثق به بحسن البلاء منه وقال لهم: قد تورطنا من هذه الحرب ما عرفتموه وحلنا على شرف الهزيمة وذهاب النفوس وقد عزمت على كذا وكذا فإن ساعدتموني رجوت أن يكون الفتح على أيديكم والأثر لكم. فقالوا: نحن طوعك وما نرغب بنفوسنا عن نفسك. وبادر واحد ممن سمع الكلام منه إلى لؤلؤ الجراحي فاستأمن إليه واعلمه بالصورة فأسرع لؤلؤ إلى سعد الدولة وأخذ الراية من يده ووقف في موضعه وقال: تهب لي يا مولاي هذا المكان اليوم وتنتقل إلى مكاني عنه فإن بكجور أيس من نفسه وقد حدثها بأن يقصدك ويقع عليك ويوقع بك ويجعل ذلك طريقاً إلى فل عسكرك وقد عرفت ذلك من جهة لا أشك فيه

الصفحة 61