كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

وسيفعل ولئن أفديك بنفسي وأكون وقايةً لك ولدولتك أولى من التعريض بك. فانتقل سعد الدولة والعماية في ظهره والراية في يده وجال بكجور في أربعمائة فارس من الغلمان عليهم الكذاغندات والخوذ وبأيديهم السيوف واللتوت وعلى خيلهم التجافيف وحمل في عقب جولته حملةً أفرجت له بها العساكر ولم يزل يضرب بالسيف حتى وافى إلى لؤلؤ فضربه على الخوذة في رأسه ووقع لؤلؤ إلى الأرض وحمل العساكر على بكجور وبادر سعد الدولة إلى مكانه مظهراً نفسه لغلمانه فلما رأوه قويت نفوسهم وثبتت أقدامهم واشتدوا في القتال حتى استفرغ بكجور جهده ووسعه ولم يبق له قدرة ولا حيلة انهزم في سبعة نفر من غلمانه صوب حلب واستولى القتل والأسر على أصحابه وتم الهزيمة. وقد رمى عن نفسه جوشنه وعن فرسه تجافيفه وقد فعل من كان معه مثل فعله وكان الفرس الذي تحته من الخيول التي أعدها لمثل ما حصل فيه وثمنه عليه ألف دينار وأوفى إلى رحاً تعرف بالقيريمي على فرسخ من حلب مقابلي قنسرين ولها ساقية تحمل إليها سعتها قدر ذراعين في سمك ذراع فحمل الفرس على أن يعبرها خوضاً ووثباً فلم يكن فيه واجهده ووقف به وناداه غلمانه أن الخيل قد أدركتنا ولحقهم عشرة فوارس من العرب فأرجلوهم عن دوابهم وسلبوهم ثيابهم ولم يعرفوا بكجور وعادوا عنهم وبقي بكجور وغلمانه عراة فلجؤا إلى الرحا واستجاروا بصاحبها فأدخلهم إليها. وجاءت سرية أخرى من العرب تطلب النهب فظنوا أن مع الغلمان الذين في الرحا ما يغنمونه منهم فطالبوا صاحبها بتسليمهم فأعلمهم أنهم عراة فقالوا: إن شاهدناهم على ما ذكرت تركناهم وإلا أحرقنا الرحا.

الصفحة 62