كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

ففتح الباب وأخرجهم إليهم فلما رأوا حالهم خلوا عنهم. ومضى بكجور وغلمان معه من غلمانه إلى براح فيه زرع حنطة فطرح نفسه وفيه ومر قوم من العرب فظنوا أن معهم ما يفوزون به فعدلوا إليهم وكان فيهم رجل من قطن يعرفه بكجور فقال له: أتعرفني؟ قال: لا. قال: اذمم لي حتى أعرفك نفسي. فأذم له. قال له: أنا بكجور فاصطنعني واحملني إلى الرقة فإنني أوقر بعيرك ذهباً وأعطيك كل ما تقترحه. قال: افعل. فأردفه وحمله إلى بيته وكساه قميصاً وفرواً وعمامةً. وكان سعد الدولة قد بث الخيل في طلب بكجور ونادى من أحضر بكجور فله مطلبه فلما حصل بكجور في بيت البدوي ساطنه به وطمع فيما كان سعد الدولة بذله فيه واستشار ابن عم له في أمره فقال له: هو رجل بخيل فربما غدر ولم يف بوعده والصواب أن تقصد سعد الدولة وتأخذ منه عاجلاً ما
يعطيك. فركب البدوي إلى عسكر سعد الدولة وصاح نصيحة فأحضر إلى حضرته فقال له: ما نصيحتك؟ قال: ما جزاء من يسلم بكجوراً؟ قال: حكمه. قال: فهو عندي وأريد عنه مائتي فدان زراعة ومائة ألف درهم ومائة راحلة تحمل حنطة وخمسين قطعة ثياباً. قال سعد الدولة: وكل ذلك لك. قال: وثق لي منه. وعرف لؤلؤ الجراحي خبر البدوي فتحامل وهو مثخن بالضربة التي أصابته ومشى متوكياً على غلمانه حتى حضر بين يدي سعد الدولة فقال: يا مولاي ما يقول هذا؟ قال: يقول أن بكجور عنده وقد طلب ما أجبناه إليه وهو ماض لاحضاره. فقبض لؤلؤ على يد البدوي وقال له: ابن أهلك؟ قال: في المرج على فرسخ. فاستدعى جماعةً من الغلمان وقدم عليهم إقبالاً الشفيعي وأمرهم أن يرتقوا رؤوس الجبال حتى يوافوا الحلة ويقبضوا على بكجور ويحمله وهو قابض على يده والبدوي يستغيث بسعد الدولة ثم تقدم إلى سعد الدولة وقال: يا مولانا لا تنكر علي فعلي فإنه كان مني عن استظهار في خدمتك

الصفحة 63