كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

عصمة الاسلام الجامعة بيني وبينك وبين عساكرك تبعثني على إنذاركم وهذا عسكر الروم قد أظلكم في الجمع الكثير فخذوا لأنفسكم وتيقظوا لأمركم ولا تهملوا حذركم. ووردت جواسيس منجوتكين وعيونه من الجهات والطلائع عليه بمثل ذلك فاخرق الخزائن والأسواق ورحل في الحال منهزماً. وأشار العرب عليه بأن ينزل أرض قنسرين ويملك الماء ويستدعي كراعه من مروج أفامية ويثبت للقاء العدو ويحرضه على بذل الجهد واستفراغ الوسع في الجهاد فلم يفعل وامتدت به الهزيمة إلى دمشق. ووافى ملك الروم فنزل على باب حلب وشاهد من موضع منزل المغاربة ما هاله وعظم في عينه وخرج إليه
أبو الفضائل ولؤلؤ وخدماه ورحل في اليوم الثالث إلى الشام ونزل على شيزر وفيه منصور بن كراديس أحد قواد المغاربة فقاتله في الحصن يوماً واحداً ولم يستطع الثبات له لخلو الحصن من العدد وآلات الحرب وأقوات المقام على الحصار فراسله بسيل وبذل له الأمان على نفسه ومن معه في الحصن وأن يعطيه مالاً وثياباً على تسليمه فسكن إلى ذلك وسلمه ووفى له بسيل بجميع ما بذله من المال والأمان والعطاء فرتب في الحصن نوابه وثقاته وسار قاصداً إلى طرابلس الشام وافتتح في طريقه حمصاً وسبى منها ومن رفنية وأعمالها ما يزيد على ثغر طرابلس وهو بري بحري متين القوة والحصانة شديد الامتناع على منازله وأقام عليه نيفاً وأربعين يوماً يحاول افتتاحه أو وجود فرصة في تملكه فلم يتم له فيه أمر ولا مراد فرحل عنه قافلاً إلى بلاد الروم. وانتهت الأخبار بذلك إلى العزيز بالله فعظم ذلك عليه وأمر بالاستنفار إلى الجهاد والنداء في الغزاة وساير الأجناد فنفر الناس وخرج مستصحباً لجميع عساكره وما يحتاج إليه من عدده وأمواله وذخائره ومعه توابيت أبائه وأجداده على العادة في مثل هذه الحال وقيل أن كراعه كان يزيد على عشرين ألف راس خيلاً وبغالاً وجمالاً وحميراً وسار مسافة عشرة فراسخ في مدة سنة حتى نزل بلبيس وأقام بظاهرها. وعارضته علل مختلفة من نقرس وقولنج وحصى في المثانة واشتد به الأمر وكان الأطباء إذا عالجوا مرضاً من هذه الأمراض بدوائها زاد في قوة الأخرى واستحكامها وكان محتاجاً إلى الحمام لأجل القولنج ولم يكن في منزله إلا حمام لرجل من أهلها فاشتد به فيه وبات للضرورة فيه وأصبح والقو تضعف والألم يشتد ويتضايق إلى أن قضى نحبه في الحمام في اليوم الاثنين الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة 386 وعمره اثنتان وأربعون سنة ونقش خاتمه بنصر العليم الغفور ينتصر الامام أبو المنصور ومولده في القيروان سنة 341 ومدة أيامه إحدى وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة وعشرون يوماً وكان حسن السيرة مشتغلاً بلذاته محباً للصيد متغافلاً عن النظر في كثير مما كان أسلافه ينظرون فيه من اظهار علم الباطن وحمل الناس عليه وتوفي رحمه الله وهو مستمر على ذلكائل ولؤلؤ وخدماه ورحل في اليوم الثالث إلى الشام ونزل على شيزر وفيه منصور بن كراديس أحد قواد المغاربة فقاتله في الحصن يوماً واحداً ولم يستطع الثبات له لخلو الحصن من العدد وآلات الحرب وأقوات المقام على الحصار فراسله بسيل وبذل له الأمان على نفسه ومن معه في الحصن وأن يعطيه مالاً وثياباً على تسليمه فسكن إلى ذلك وسلمه ووفى له بسيل بجميع ما بذله من المال والأمان والعطاء فرتب في الحصن نوابه وثقاته وسار قاصداً إلى طرابلس الشام وافتتح في طريقه حمصاً وسبى منها ومن رفنية وأعمالها ما يزيد على ثغر طرابلس وهو بري بحري متين القوة والحصانة شديد الامتناع على منازله وأقام عليه نيفاً وأربعين يوماً يحاول افتتاحه أو وجود فرصة في تملكه فلم يتم له فيه أمر ولا مراد فرحل عنه قافلاً إلى بلاد الروم. وانتهت الأخبار بذلك إلى العزيز بالله فعظم ذلك عليه وأمر بالاستنفار إلى الجهاد والنداء في الغزاة وساير الأجناد فنفر الناس وخرج مستصحباً

الصفحة 73