كتاب تاريخ دمشق لابن القلانسي (اسم الجزء: 1)

وقال: أريد أن ترتب الخدم في جانبي البستان فإني أقف على بابه وأنت بين يدي فإذا حضر برجوان دخلت البستان وتبعني وكنت في أثره فإذا نظرت إليك فأضره بالسكين في ظهره وواقف الخدم أن يضعوا عليه. فبينما هما في الحديث إذ دخل برجوان فقال للحاكم: يا أمير المؤمنين الحر شديد والبزاة في مثله لا تصيد. فقال: صدقت ولكنا ندخل البستان ونطوف فيه ساعةً ونخرج. وأنفذ برجوان إلى شكر وكان قد ركب بأن يسير مع الموكب إلى المقس والمقس ظاهرة القاهرة ويقف عند القنطرة فإن مولانا يخرج من البستان ويتبعك ففعل ودخل الحاكم البستان وبرجوان خلفه وزيدان بعده وكان برجوان خادماً أبيض اللون تام الخلقة فبدره زيدان فضربه بين أكتافه بسكين اطلعها من صدره فقال: يا مولانا غدرت. فصاح الحاكم: يا عبيد خذوا رأسه. وتكاثر الخدم عليه فقتلوه وخرج الخدم الكبار مسرعين على ظهور الخيل إلى الجانب وبغال الموكب والجوارح فردوا جميعها فقال لهم شكر: ما السبب في ذلك! فلم يجيبوه فجاء الناس من هذا الحادث ما لم يكن في الحساب وعاد شكر بالموكب وشهر الجند سيوفهم وهم لا يعلمون ما الخبر غير إنهم خائفون على الحاكم من حيلة تتم عليه من الحسن بن عمار ورجع أكثرهم إلى دورهم فلبسوا سلاحهم ووافوا إلى باب القصر وتميز المغاربة والمشارقة وأحدق شكر ومن معه من الأتراك والمشارقة القصر وعلا على شرف القصر الخدم في أيديهم السيوف والتراس وعظم الأمر واجتمع القواد وشيوخ الدولة وأبو لعلاء الوزير على باب القصر الزمرد. فلما رأى الحاكم زيادة الاختلاط ظهر من منظرة على الباب وسلم على الناس فترجلوا عن دوابهم إلى الأرض وقتلوها بين يديه وضربت البوقات والطبول وفتح باب القصر واستدعى أصحاب الرسايل وسلمت إليهم رقعة قد كتبها الحاكم بيده إلى شكر وأكابر القواد يقول فيها: إنني أنكرت

الصفحة 91