كتاب الإخنائية أو الرد على الإخنائي ت العنزي

والمقصود هنا [أن ما] حكاه عن المجيب أنه يحرم زيارة قبور الأنبياء وزيارة القبور كذب بين على المجيب ليس في الجواب، وإنما فيه السفر خاصة، وكلام المجيب فيما لا يحصيه إلا الله يبين كذب النقل، وأنه يستحب زيارة قبور المؤمنين عمومًا فضلاً عن الصالحين والأنبياء، بل نفس السفر الذي ذكر فيه القولين لم يذكر أنه يختار أحد القولين، بل ذكر حجة هؤلاء وهؤلاء، فكيف يجوز أن يحكى عنه أنه حرم زيارة قبور الأنبياء والصالحين وسائر القبور، وإنه ادعى أن ذلك معصية محرمة مجمع عليها؟ ثم من المعلوم لكل من قرأ شيئًا من العلم ما في كتب العلماء من إباحة زيارة القبور للرجال أو استحباب ذلك، وذكر النزاع في زيارتها للنساء. هذا موجود في الكتب الصغار والكبار، وقد قرأه المجيب وقرئ عليه مرات لا يحصيها إلا الله، وليس هذا مما يخفى على آحاد الطلبة الذين يحضرون عنده.
فكيف يحكى إجماع المسلمين على أن زيارة قبور الأنبياء وسائر القبور معصية محرمة؟ و / لو كان لهذا القاضي نوع عقل وحكى له ذلك عن آحاد الطلبة لم يصدقه وقال: هل في الإسلام من ينتسب إلى أدنى علم يقول إن زيارة القبور معصية محرمة مجمع عليها؟ فهل في الإسلام شخص يحكي الإجماع على تحريم زيارة القبور مطلقًا؟ فإذا كان هذا ما يعلم انتفاؤه عن جميع المسلمين كان انتفاؤه عن المجيب أولى. فكان الواجب عليه أن يكذب ناقل ذلك فضلاً عن أن يكون هو الناقل عن جواب قد رآه الناس وعلموا أنه ليس فيه ذلك، وإنما فيه ذكر الخلاف في السفر إليها، والسفر إليها مسألة، وزيارتها [بلا سفر مسألة].

الصفحة 131