كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فقال عمر: يرحمك الله نِعْم السيد كنت في الجاهلية، ونِعْم السيد أنت في الإسلام (¬1).
ومن أحسن الفراسة: فراسة عبد الملك بن مروان لما بعث الشعبي إلى ملك الروم فحسد المسلمين عليه. فبعث معه ورقة لطيفة إلى عبد الملك. فلما قرأها قال: تدري ما فيها؟ قال: لا. قال: فيها "عجبٌ، كيف ملكت العرب غير هذا؟ " أفتدري ما أراد؟ قال: لا. قال: حسدني بك، فأراد أن أقتلك. فقال الشعبي: لو رآك يا أمير المؤمنين (¬2) ما استكبرني. فبلغ ذلك ملك الروم، فقال: والله ما أخطأ ما كان في نفسي (¬3).
ومن دقيق الفطنة: أنك لا ترد (¬4) على المطاع خطأه بين الملأ، فتحمله رتبته على نصرة الخطأ. وذلك خطأ ثان، ولكن تلطف في إعلامه به، حيث لا يشعر به غيره.
ومن دقيق الفراسة: أن المنصور جاءه رجل، فأخبره أنه خرج في
¬__________
(¬1) رواه البلاذري في أنساب الأشراف "قسم الشيخين" (219). وانظر: الأذكياء (26)، صفة الصفوة (1/ 741)، الاستيعاب (1/ 235)، تهذيب الكمال (4/ 539)، سير أعلام النبلاء (2/ 535).
(¬2) "يا أمير المؤمنين" ساقط من "أ".
(¬3) رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 594)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 225)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (25/ 386). وانظر: الأذكياء (35)، تهذيب الكمال (14/ 38)، تاريخ الإسلام (7/ 127).
(¬4) في "ب": "أنه لا يرد".