كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

طلب منك آية، فَضَعْ يَدَكَ على تَرْقُوتِهِ" (¬1) فهذا اعتماد في الدفع إلى الطالب على مجرد العلامة، وإقامة لها مقام الشاهد.
فالشارع لم يلغ القرائن والأمارات ودلائل (¬2) الأحوال، بل من استقرأ الشرع في مصادره وموارده وجده شاهدًا لها بالاعتبار، مرتبًا عليها الأحكام.
وقول أبي الوفاء ابن عقيل: "ليس هذا فراسة"، فيقال: ولا محذور في تسميته فراسة، فهي فراسة صادقة (¬3). وقد مدح الله سبحانه الفراسة وأهلها في مواضع من كتابه، فقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)} [الحجر: 75]. وهم المتفرسون (¬4) الآخذون بالسِّيما، وهي العلامة، يقال: تفرست فيك كيت وكيت وتوسمته. وقال تعالى:
¬__________
(¬1) التَّرْقُوة: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. فقه اللغة (153)، المصباح المنير (74)، القاموس (1124).
والحديث رواه أبو داود (3615) (10/ 61)، والدارقطني (4/ 154)، والبيهقي (6/ 132) رقم (11432) من طريق أبي داود، وحسنه الحافظ ابن حجر في التلخيص (3/ 112)، وذكر في بلوغ المرام (186) أن أبا داود رواه وصححه. ولم أجده في سنن ابن ماجه المطبوع، ولم أر من نسبه لابن ماجه سوى بعض الفقهاء كابن فرحون في التبصرة (2/ 120)، وصاحب تهذيب الفروق (4/ 169) نقلًا عن التبصرة.
(¬2) في "ب": "دلالات".
(¬3) قوله "فيقال ولا محذور في تسميته فراسة فهي فراسة صادقة" ساقط من "جـ".
(¬4) انظر: تفسير ابن جرير (7/ 528)، معاني القرآن لابن النحاس (4/ 35)، زاد المسير (4/ 409)، تفسير ابن عطية (3/ 370).

الصفحة 27