كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وحرق قصر سعد بن أبي وقاص لما احتجب في قصره (¬1) عن الرعية. فذكر الإمام أحمد - رضي الله عنه - في مسائل ابنه صالح (¬2): أنه دعا محمد بن مسلمة فقال: "اذهب إلى سعد بالكوفة، فحرّق عليه قصره، ولا تحدثن حدثًا حتى تأتيني" فذهب محمد إلى الكوفة، فاشترى من نبطي (¬3) حزمة حطب (¬4)، وشرط عليه حملها إلى قصر سعد، فلما وصل إليه ألقى الحزمة فيه، وأضرم فيها النار، فخرج سعد، فقال: "ما هذا؟ " قال: "عزمة أمير المؤمنين" فتركه حتى احترق. ثم انصرف إلى المدينة، فعرض عليه سعد نفقة، فأبى أن يقبلها، فلما قدم على عمر قال له: "هلّا قبلت نفقته؟ " فقال: "إنك قلت لا تحدثن حدثًا حتى تأتيني" (¬5).
وحلق عمر رأس نصر بن حجاج، ونفاه من المدينة لتشبيب النساء به (¬6). وضرب صَبيغ بن عِسْل التميمي على رأسه، لما سأل عما لا يعنيه (¬7).
¬__________
(¬1) "في قصره" ساقطة من "ب".
(¬2) مسائل صالح (2/ 174).
(¬3) النبط: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين وسموا نبطًا لأنهم يستنبطون الماء الذي يستخرجونه من الأرض ومعنى نبطي اللسان الذي اشتبه كلامه بكلام العرب والعجم. النظم المستعذب (2/ 320)، المطلع (372).
(¬4) في "جـ": "من حطب".
(¬5) رواه أحمد في مسنده (1/ 54)، وعبد الله بن المبارك في الزهد ص (176).
(¬6) سبق تخريجه.
(¬7) رواه البزار (1/ 423) رقم (299)، وعبد الرزاق (11/ 426)، والدارمي =

الصفحة 40