كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

أن يختلفوا في القرآن، ورأوا أن جمعهم على حرف واحد أسلم، وأبعد من وقوع الاختلاف: فعلوا ذلك، ومنعوا الناس من القراءة بغيرها (¬1). وهذا كما لو كان للناس عدة طرق إلى البيت، وكان سلوكهم في تلك الطرق يوقعهم في التفرق والتشتت، ويطمع فيهم العدو، فرأى الإمام جمعهم على طريق واحد، وترك (¬2) بقية الطرق: جاز ذلك، ولم يكن فيه إبطال لكون تلك الطرق موصلة إلى المقصود، وإن كان فيه (¬3) نهي عن سلوكها لمصلحة الأمة.
ومن ذلك تحريق علي رضي الله عنه (¬4) الزنادقة الرافضة، وهو يعلم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل الكافر، ولكن لما رأى أمرًا عظيمًا جعل عقوبته من أعظم العقوبات؛ ليزجر الناس عن مثله. ولذلك قال:
لما رأيت الأمر أمرًا منكرا ... أججت ناري ودعوت قنبرا (¬5)
وقنبر غلامه.
وهذا الذي ذكرناه، جميع الفقهاء يقولون به في الجملة، وإن تنازعوا في كثير من موارده (¬6). فكلهم يقول بجواز (¬7) وطء الرجل
¬__________
(¬1) في "ب" و"جـ" و"هـ": "بغيره".
(¬2) وفي "جـ": "فترك".
(¬3) قوله "إبطال لكون تلك الطرق موصلة إلى المقصود وإن كان فيه" ساقط من "ب".
(¬4) "علي رضي الله عنه" ساقط من "أ".
(¬5) سبق تخريجه ص (30).
(¬6) في "ب": "نوادره".
(¬7) "بجواز" ساقطة من "أ".

الصفحة 48