كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فإن قيل: فقد سمَّى الله - عزَّ وجلَّ - أيمان اللعان شهادة (¬1) في قوله: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6]، وقال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (¬2) [النور: 8].
قيل: إنَّما سمى أيمان الزوج شهادة؛ لأنَّها قائمةٌ مقام البينة، ولذلك ترجم المرأة إذا نكلت (¬3)، وسمَّى أيمانها شهادة؛ لأنَّها في مقابلة شهادة الزوج.
وأيضًا، فإنَّ هذه اليمين خُصَّت من بين الأيمان بلفظِ "الشهادة بالله" تأكيدًا لشأنها (¬4)، وتعظيمًا لخطرها.
الثاني عشر: أنَّه قال: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106]، ومن المعلوم أنَّه لا يصح أن يكون أيمان بينكم إذا حضر أحدكم الموت (¬5)، فإنَّ الموصي إنَّما يحتاج إلى الشاهدين، لا إلى اليمين.
الثالث عشر: أنَّ حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الَّذي حكم به (¬6) - وحكم به الصحابة بعده (¬7) - هو تفسير الآية قطعًا، وما عداه باطل، فيجب أن
¬__________
(¬1) انظر: تفسير الطبري (5/ 118)، فتح الباري (5/ 484)، حاشية الجمل على الجلالين (1/ 311).
(¬2) الآية ساقطة من "و".
(¬3) انظر: (23).
(¬4) في "ب": "لشهادتهما".
(¬5) "ومن المعلوم" إلى قوله "أحدكم الموت" ساقطة من "جـ".
(¬6) كما في حديث تميم الداري المتقدم ص (492).
(¬7) كأبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وقد تقدم ص (488).

الصفحة 501