كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
للتهمة.
ولذلك منعنا في مسألة الظفر أن يأخذ المظلوم من مال ظالمه نظير ما خانه فيه لأجلِ التهمة، وإن كان إنَّما يستوفي حقَّه (¬1).
ولقد كان سيد الحكام - صلى الله عليه وسلم - يعلم من المنافقين ما يبيح دماءهم وأموالهم، ويتحقق ذلك، ولا يحكم فيهم بعلمه، مع براءته عند الله وملائكته وعباده من كلِّ تهمة، لئلا يقول النَّاس: إنَّ محمدًا يقتل أصحابه (¬2)، ولمَّا رآه بعض أصحابه مع زوجته صفية بنت حيي (¬3) قال: "رُوَيْدَكُمَا، إنَّهَا صَفِيَّةُ بنتُ حُيَي" (¬4) لئلا تقع في نفوسهما تهمة له.
ومن تدبَّر الشريعة وما اشتملت عليه من المصالح وسدِّ الذرائع تبين له الصواب في هذه المسألة، وبالله التوفيق.
¬__________
(¬1) ذكر ابن القيم رحمه الله أقوال العلماء في إغاثة اللهفان (2/ 298). وانظر: إعلام الموقعين (4/ 36 و 437)، الاختيارات (348)، الفتاوى الكبرى (5/ 565)، الهداية (2/ 139)، الفروق (1/ 208)، الإحكام للقرافي (112)، تهذيب الفروق (1/ 207)، شرح العمدة لابن الملقن (10/ 17)، عون المعبود (9/ 326)، فيض القدير (3/ 146)، روضة الطالبين (10/ 119)، بدائع الصنائع (7/ 71)، فتح القدير لابن الهمام (5/ 377)، المقنع وشرحه المبدع (10/ 97)، التمهيد (20/ 159).
(¬2) رواه البخاري رقم (4905) (8/ 516)، ومسلم رقم (2584) (15/ 374).
(¬3) "بنت حيي" مثبتة من "ب".
(¬4) "قال رويدكما إنَّها صفية بنت حيي" ساقطة من "ب".
والحديث رواه البخاري رقم (2038) (4/ 330)، ومسلم رقم (2175) (14/ 406) من حديث علي بن حسين عن صفية رضي الله عنها.