كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
ذاك إذ النَّاس ناس، وأمَّا الآن فكلا ولما (¬1)، وإذا كان الأمر قد تغير في زمن مالك وابن أبي ليلى، حتَّى قال مالك: كان من أمرِ النَّاس القديم إجازة الخواتم، حتَّى إنَّ القاضي ليكتب للرجل الكتاب، فما يزيد (¬2) على ختمه، حتَّى اتهم النَّاس، فصار لا يقبل إلَّا بشاهدين (¬3).
وقال محمد بن عبد الحكم (¬4): لا يقضى في دهرنا هذا بالشهادة على الخط؛ لأنَّ النَّاسَ قد أحدثوا ضروبًا من الفجور، وقد كان النَّاسُ فيما مضى يجيزون الشهادة على خاتم كتاب القاضي (¬5)
فإن قيل: فما تقولون في الدَّابة يوجد على فخذها "صدقة" أو "وقف" أو "حبس" هل للحاكم أن يحكم بذلك؟
قيل: نعم، له أن يحكم به، وصرَّح به أصحاب مالك (¬6)، فإنَّ هذه أمارة ظاهرة، ولعلها أقوى من شهادة الشاهد (¬7)، وقد ثبتَ في
¬__________
(¬1) في "و": "فكلا ولا".
(¬2) في "ب" و"جـ" و"د" و"هـ" و"و": "فلم يزد".
(¬3) في جميع النسخ عدا "أ": "إلَّا شاهدان".
انظر: المنتقى (5/ 202)، تنبيه الحكام (162)، تبصرة الحكام (2/ 165)، الذخيرة (10/ 100).
(¬4) في "ب": "عبد الحكيم".
(¬5) انظر: تنبيه الحكام (162)، المنتقى (5/ 202)، فتح الباري (13/ 155).
(¬6) انظر: البيان والتحصيل (2/ 597)، والذخيرة (10/ 161)، فصول الأحكام (223)، تبصرة الحكام (2/ 127 و 131)، وانظر من كتب الحنابلة: الروض المربع (3/ 432)، منتهى الإرادات مع حاشية النجدي (5/ 376)، التنقيح المشبع (431).
(¬7) في "أ": "الشاهدين".