كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
[لا] يعلم له سببٌ طبيعي يعلمِ بالعقل وبالنص (¬1)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث أم سليم: "مَاءُ الرَّجُلِ غلِيْظٌ أَبْيَضُ، ومَاءُ المَرْأَةِ رَقِيْقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أيهما عَلَا (¬2) - أَوْ سَبَقَ - يَكُوْنُ الشَّبَهُ" (¬3)، فجعل للشبه سببين: علو الماء، وسبقه.
وبالجملة، فعامة الأحاديث إنَّما هي في تأثير سبق الماء وعلوه في الشبه، وإنَّما جاء تأثير ذلك في الإذكار والإيناث في حديث ثوبان وحده (¬4)، وهو فرد بإسناده، فيحتمل أنَّه اشتبه على الرَّاوي فيه الشبه بالإذكار والإيناث، وإن كان قد قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الحقُّ الَّذي لا شكَّ فيه، ولا ينافي سائر الأحاديث، فإنَّ الشبه من السبق، والإذكار والإيناث من العلو، وبينهما فرق، وتعليقه على المشيئة (¬5) لا ينافي تعليقه على السبب، كما أنَّ الشقاوة والسعادة والرزق معلقات (¬6) بالمشيئة، وحاصلة (¬7) بالسبب، والله أعلم.
¬__________
(¬1) "والإذكار والإيناث يعلم له سببٌ طبيعي يعلم بالعقل وبالنَّص" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ". ولعلَّ عدم إثباته هو الصواب لكونه يتعارض مع ما ذكره ابن القيم أعلاه بقوله: "وأمَّا الإذكار والايناث: فليس بسبب طبيعي" ا. هـ. والله أعلم.
(¬2) في "أ": "علق".
(¬3) تقدم تخريجه.
(¬4) تقدم لفظه وتخريجه.
(¬5) في "هـ" و"و": "الشبه".
(¬6) في "أ": "تعلقًا"، وفي "هـ": "معلقًا"، وفي "و": "متعلقات".
(¬7) في "أ" و"ب" و"هـ": "وحاصل".