كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

والمقصود أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر الشبه في لحوق النسب، وهذا معتمد القائف، لا معتمد له سواه (¬1)، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة المتلاعنين: "إن جَاءَتْ بهِ أَكْحَلَ العَيْنَين، سَابِغَ (¬2) الإِلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ (¬3) السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيك ابن سَحْمَاءَ" فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ" رواه البخاري (¬4)، فاعتبر النبي - صلى الله عليه وسلم - الشبه وجعله لِمُشْبِهِهِ.
فإن قيل: فهذا حجة عليكم؛ لأنَّه - مع صريح الشبه - لم يلحقه بِمُشْبهه في الحكم (¬5)، قيل: إنَّما منع إعمال الشبه لقيام مانع اللعان، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلَا الأيمانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شأْنٌ" (¬6)، فاللعان سبب
¬__________
(¬1) انظر: الفروق (4/ 100)، تهذيب الفروق (4/ 166)، زاد المعاد (5/ 418).
(¬2) أي تامهما وعظيمهما. انظر: النهاية (2/ 318)، المجموع المغيث (1/ 56).
(¬3) أي عظيمهما. انظر: النهاية (2/ 15)، المجموع المغيث (1/ 556).
(¬4) في التفسير، باب "ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنَّهُ لمن الكاذبين" رقم (4747) (8/ 303) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(¬5) انظر: المبسوط (17/ 70).
(¬6) رواه أحمد (1/ 238)، وأبو داود رقم (2256)، والطيالسي رقم (2667)، وأبو يعلى (5/ 124) رقم (2740)، والبيهقي (7/ 648) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. ورواه الدَّارقطني (3/ 275) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. ورواه الروياني رقم (1079) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه. قال ابن كثير رحمه الله: "ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة" ا. هـ. التفسير (6/ 14)، والحديث رواه البخاري رقم (4747) بلفظ: "لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها =

الصفحة 587