كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الناس مالًا، ثم رجع فطلبه فجحده، فأتى إياسًا فأخبره. فقال له إياس: انصرف فاكتم أمرك، ولا تعلمه أنك أتيتني، ثم عُد إليَّ بعد يومين. فدعا إياس المُودعَ، فقال: قد حضر مال كثير، وأريد أن أسلمه إليك، أفحصين منزلك؟ قال: نعم. قال: فأَعِدَّ له موضعًا وحمالين. وعاد الرجل إلى إياس، فقال له انطلق إلى صاحبك فاطلب المال. فإن أعطاك فذاك، وإن جحدك فقل له: إني أخبر القاضي (¬1). فأتى الرجل صاحبه فقال: مالي، وإلا أتيت القاضي، وشكوت إليه، وأخبرته بأمري. فدفع إليه ماله. فرجع الرجل إلى إياس، فقال: قد أعطاني المال. وجاء الأمين إلى إياس لموعده (¬2)، فزبره (¬3) وانتهره، وقال: لا تقربني يا خائن (¬4).
وقال يزيد بن هارون (¬5) - رحمه الله -: تقلد القضاء بواسط رجل ثقة، فأودع رجل بعض شهوده كيسًا مختومًا، وذكر أن فيه ألف دينار. فلما طالت غيبة الرجل فتق الشاهد الكيس من أسفله وأخذ الدنانير،
¬__________
(¬1) وفي "ب" زيادة: "وشكوت إليه وأخبرته".
(¬2) وفي "أ" و"ب" و"هـ": "لوعده".
(¬3) الزبر: "الزجر والانتهار". مختار الصحاح (267).
(¬4) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 28). وانظر: أخبار القضاة (1/ 371)، الأذكياء (64)، تهذيب الكمال (3/ 426)، المستطرف (1/ 38)، البداية والنهاية (13/ 124).
(¬5) هو يزيد بن هارون بن زاذي أخو خالد السلمي الواسطي. توفي سنة 206 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: تهذيب الكمال (32/ 261)، سير أعلام النبلاء (9/ 358).