كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وجعل مكانها دراهم، وأعاد الخياطة كما كانت. وجاء صاحبه، فطلب وديعته، فدفع إليه الكيس بختمه لم يتغير، فلما فتحه وشاهد الحال رجع إليه، وقال: إني أودعتك دنانير، والذي (¬1) دفعت إليَّ دراهم، فقال: هو كيسك بخاتمك فاستَعدى عليه القاضي، فأمر بإحضار المُودَع، فلما صارا بين يديه قال له القاضي: منذ كم أودعك هذا الكيس؟ فقال: منذ خمس عشرة سنة، فأخذ القاضي تلك الدراهم وقرأ سكتها، فإذا فيها ما قد ضرب (¬2) من سنتين وثلاث، فأمره بدفع (¬3) الدنانير إليه، وأسقطه ونادى عليه (¬4).
واستودع رجل لغيره (¬5) مالًا، فجحده، فرفعه إلى إياس، فسأله فأنكر، فقال للمدعي: أين دفعته (¬6) إليه؟ فقال: في مكان في البرية، فقال: وما كان هناك، قال: شجرة، قال: اذهب إليها فلعلك دفنت المال عندها ونسيت، فتذْكُر إذا رأيت الشجرة، فمضى، وقال للخصم: اجلس حتى يرجع صاحبك، وإياس يقضي وينظر إليه ساعة بعد ساعة. ثم قال له: يا هذا، أترى صاحبك بلغ مكان الشجرة؟ قال: لا، قال: يا عدو الله، إنك خائن، قال: أقلني، قال: أقالك الله، فأمر
¬__________
(¬1) وفي "جـ": "والتي".
(¬2) في "أ": "ضربت".
(¬3) وفي "ب": "أن يدفع".
(¬4) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 29). وانظر: أخبار القضاة (1/ 342)، الأذكياء (65)، تهذيب الكمال (3/ 425).
(¬5) هكذا "لغيره"، ولعل الصواب "غيره".
(¬6) في باقي النسخ عدا "أ": "دفعت".

الصفحة 69