كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
رجل شيخ ومعه غلام حَدَثٌ، فادعى الشيخ عليه ألف دينار دينًا (¬1)، فقال: ما تقول؟ قال: نعم. فقال القاضي للشيخ: ما تشاء؟ قال: حبسه، قال: لا، فقال الشيخ: إن رأى القاضي أن يحبسه فهو أرجى لحصول مالي. فتفرس أبو خازم فيهما ساعة. ثم قال: تلازما حتى أنظر في أمركما في مجلس آخر، فقلت له: لم أخرت حبسه؟ فقال: ويحك، إني أعرف في أكثر الأحوال في وجوه الخصوم وجه المحق من المبطل، وقد صارت لي بذلك دربة (¬2) لا تكاد تخطئُ، وقد وقع لي أن سماحة هذا بالإقرار عين كذبه (¬3) ولعله ينكشف لي من أمرهما ما أكون معه على بصيرة، أما رأيت قلة تغاضبهما (¬4) في المناكرة، وقلة اختلافهما، وسكون طباعهما مع عظم المال؟ وما جرت عادة الأحداث بفرط التورع حتى يُقِرَّ مثل هذا طوعًا عجلًا، منشرح الصدر على هذا المال، قال: فبينما (¬5) نحن كذلك نتحدث إذ أتى الآذن يستأذن على القاضي لبعض التجار، فأذن له، فلما دخل قال: أصلح
¬__________
= 84)، وتاريخ بغداد (11/ 66)، وسير أعلام النبلاء (13/ 540). وقد ذكر الخطيب رحمه الله: أن مكرم بن أحمد القاضي قد روى عن أبي خازم. تاريخ بغداد (11/ 63). مكرم بن أحمد بن محمَّد بن مكرم أبو بكر القاضي البزاز وثقه الخطيب. وتوفي سنة 347 هـ. انظر: تاريخ دمشق (13/ 222)، وسير أعلام النبلاء (15/ 517).
(¬1) "دينًا" ساقطة من "أ".
(¬2) وفي "جـ": "دراية".
(¬3) كذا في "جـ". أما "أ" ففيها: "عن بلية"، وفي "هـ": "عن ريبة".
(¬4) وفي "جـ": "تعاصيهما".
(¬5) "بينما" من "ب".