كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
الله القاضي، إني بليت بولد لي حدث يتلف كل مال يظفر به من مالي في القيان (¬1) عند فلان. فإذا منعته احتال بحيل تضطرني إلى التزام الغرم عنه (¬2). وقد نصب اليوم صاحب القيان يطالب بألف دينار دينًا (¬3) حالًّا، وبلغني أنه تقدم إلى القاضي ليقرَّ له فيحبسه (¬4)، وأقع مع أمه (¬5) فيما ينكد عيشنا إلى أن أقضي عنه، فلما سمعت بذلك بادرت إلى القاضي لأشرح له أمره، فتبسم القاضي، وقال (¬6): كيف رأيت؟ فقلت: هذا من فضل الله على القاضي، فقال: عليَّ بالغلام والشيخ. فأرهب أبو خازم الشيخ، ووعظ الغلام. فأقرَّا، فأخذ الرجل ابنه وانصرفا (¬7).
وقال أبو السائب (¬8): كان ببلدنا رجل مستور الحال، فأحب القاضي قبول قوله، فسأل عنه فَزُكّي عنده سرًّا وجهرًا، فراسله في
¬__________
(¬1) القيان: جمع (قَيْنَة) وهي الأمة مغنية كانت أو غير مغنية. مختار الصحاح (560)، المصباح المنير (521).
(¬2) في "ب": "المغرم".
(¬3) "دينًا" من "أ".
(¬4) وفي "جـ" و"هـ": "فيسجنه".
(¬5) "أمه" ساقطة من "ب".
(¬6) في "جـ" و"هـ": "وقال له".
(¬7) رواه الخطيب في تاريخ بغداد (11/ 66)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 84). وذكره الذهبي في السير (13/ 540).
(¬8) هو عتبة بن عبيد الله بن موسى الهمذاني أبو السائب الشافعي. توفي سنة 350 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 47)، طبقات الشافعية للسبكي (3/ 343)، تاريخ بغداد (12/ 316).