كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

واجتهد، فلم يقف له على خبر، فشق ذلك عليه، فقال: اللهم أظفرني بقاتله، حتى إذا كان على رأس الحول وُجد صبي مولود ملقى بموضع القتيل، فأتِيَ به عمر، فقال: ظفرت بدم القتيل إن شاء الله تعالى، فدفع الصبي إلى امرأة، وقال: قومي بشأنه، وخذي منا نفقته، وانظري من يأخذه منك (¬1)، فإذا وجدت امرأة تقبله وتضمه إلى صدرها فأعلميني بمكانها. فلما شبّ الصبي جاءت جارية، فقالت للمرأة: إن سيدتي بعثتني إليك لتبعثي بالصبي لتراه وترده إليك، قالت: نعم، اذهبي به إليها، وأنا معك. فذهبت بالصبي والمرأة معها، حتى دخلت على سيدتها، فلما أخذته فقبلته وضمته إليها (¬2)، فإذا هي ابنة شيخ من الأنصار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتت عمر فأخبرته، فاشتمل على سيفه، ثم أقبل إلى منزل المرأة، فوجد أباها متكئًا على باب داره، فقال: يا فلان، ما فعلت ابنتك فلانة؟ قال: جزاها الله خيرًا يا أمير المؤمنين، هي من أعرف الناس بحق الله وحق أبيها (¬3)، مع حسن صلاتها وصيامها، والقيام بدينها. فقال عمر: قد أحببت أن أدخل إليها، فأزيدها رغبة في الخير، وأحثها عليه، فدخل أبوها، ودخل عمر معه. فأمر عمر (¬4) من عندها فخرج، وبقي هو والمرأة في البيت، فكشف عمر عن السيف، وقال: اصدقيني (¬5)، وإلا ضربت عنقك،
¬__________
(¬1) "وانظري من يأخذه منك" ساقط من "ب".
(¬2) قوله "وأنا معك" إلى قوله "وضمته إليها" ساقط من "ب".
(¬3) في "أ": "هي من أعرف الناس بحق أبيها".
(¬4) "عمر" مثبتة من "أ".
(¬5) في "أ": "لتصدقيني".

الصفحة 74