كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
ودخل رجل على عثمان - رضي الله عنه - فقال له عثمان: يدخل عليَّ أحدكم والزنا في عينيه. فقال: أوحيٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا, ولكن فراسة صادقة (¬1).
ومن هذه الفراسة: أنه - رضي الله عنه - لما تفَرس أنه مقتول ولا بد أمسكَ عن القتال والدفع عن نفسه، لئلا يجري بين المسلمين قتال وآخر الأمر يقتل هو، فأحب أن يقتل من غير (¬2) قتال يقع بين المسلمين (¬3).
ومن ذلك: فراسة ابن عمر في الحسين لما ودَّعه، وقال: "أستودعك الله من قتيل" (¬4)، ومعه كتب أهل العراق، فكانت فراسة ابن عمر أصدق من كتبهم.
ومن ذلك: أن رجلين من قريش دفعا إلى امرأة مائة دينار وديعة، وقالا: لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه. فلبثا حولًا، فجاء
¬__________
(¬1) لم أجده بعد بحث طويل، وقد ذكره بعض الفقهاء. انظر: تبصرة الحكام (2/ 136)، معين الحكام (168)، تفسير الرازي (21/ 441).
(¬2) في "ب" و"جـ" و"هـ": "دون".
(¬3) كما رواه أحمد (1/ 67)، وفي فضائل الصحابة (1/ 485) رقم (785)، والضياء في المختارة (1/ 250) رقم (387)، وابن شبه في تاريخ المدينة (2/ 246) رقم (2115) بأسانيدهم عن محمَّد بن عبد الملك عن المغيرة. قال الهيثمي: "رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن محمَّد بن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعًا من المغيرة" ا. هـ. مجمع الزوائد (7/ 233). وانظر: التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان (133)، والإصابة (2/ 459)، البداية والنهاية (10/ 317).
(¬4) البخاري في التاريخ الكبير (1/ 356)، والبيهقي (7/ 161)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 201 و 202). وانظر: سير أعلام النبلاء (3/ 292).