كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
أحدهما، فقال: إن صاحبي قد مات فادفعي إِلَيَّ الدنانير. فأبت، وقالت: إنكما قلتما لي لا تدفعيها إلى واحد منا دون صاحبه، فلست بدافعتها إليك، فثقل عليها بأهلها وجيرانها حتى دفعتها إليه، ثم لبثت حولًا آخر، فجاء الآخر، فقال: ادفعي إليَّ الدنانير. فقالت: إن صاحبك جاءني فزعم أنك قد مِتَّ، فدفعتها إليه. فاختصما (¬1) إلى عمر - رضي الله عنه - فأراد أن يقضي عليها. فقالت: ادفعنا إلى علي بن أبي طالب (¬2) - رضي الله عنه - فعرف علي أنهما قد مكرا بها، فقال: أليس قلتما: لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه؟ قال: بلى، فقال: إن مالك عندها، فاذهب فجئ بصاحبك حتى تدفعه إليكما (¬3).
فصل
ومن فراسة الحاكم: ما ذكره حماد بن سلمة عن حميد الطويل: أن إياس بن معاوية اختصم إليه رجلان، استودع أحدهما صاحبه وديعة، فقال صاحب الوديعة: استحلفه بالله مالي عنده وديعة. فقال إياس بن معاوية: بل أستحلفه بالله مالك عنده وديعة (¬4) ولا غيرها (¬5).
وهذا من أحسن الفراسة، فإنه إذا (¬6) قال: "ماله عندي وديعة"
¬__________
(¬1) في "أ" و"هـ": "فاختصموا".
(¬2) "بن أبي طالب" من "جـ" و"هـ".
(¬3) رواه البيهقي (6/ 473) رقم (12701). وانظر: الأذكياء (24)، تبصرة الحكام (2/ 144)، معين الحكام (172).
(¬4) قوله "فقال إياس بن معاوية بل استحلفه بالله مالك عنده وديعة" ساقط من "جـ".
(¬5) تهذيب الكمال (3/ 421).
(¬6) في "ب": "إن".