كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

ومنها: فراسة المغيرة بن شعبة، وقد استعمله عمر على البحرين. فكرهه أهلها فعزله عمر، فخافوا أن يرده عليهم. فقال دهقانهم (¬1): إن فعلتم ما آمركم به لم يرده علينا. قالوا: مُرْنا بأمرك. قال: تجمعون مائة ألف درهم، حتى أذهب بها إلى عمر، وأقول: إن المغيرة اختان (¬2) هذا، ودفعه إليَّ، فجمعوا ذلك. فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة اختان هذا (¬3)، فدفعه إليَّ. فدعا عمر المغيرة، فقال: ما يقول هذا (¬4)؟ قال: كذب، أصلحك الله، إنما كانت مائتي ألف، فقال: ما حملك على ذلك؟ قال: العيال والحاجة. فقال عمر للدهقان: ما تقول؟ فقال: لا والله، لأصدقنك، والله ما دفع إليَّ قليلًا ولا كثيرًا. ولكن كرهناه وخشينا أن ترده إلينا، فقال عمر للمغيرة: ما حملك على هذا؟ قال: الخبيث كذب عليَّ فأردت أن أخزيه (¬5).
وخطب المغيرة بن شعبة وفتى من العرب امرأة، وكان الفتى
¬__________
= العالية (4/ 403). والحديث أصله في صحيح مسلم ولكن بدون ذكر الشاهد. (1788) (12/ 387).
(¬1) الدَّهقان: بالكسر والضم. القوي على التصرف مع حدّة، والتاجر، وزعيم فلاحي المعجم، ورئيس الإقليم. معرّب. انظر: القاموس المحيط (1546)، لسان العرب (13/ 163)، النهاية (2/ 145).
(¬2) خانه خيانة ومخانة واختانه فهو خائن: بأن يؤتمن فلا ينصح. القاموس (1541)، مختار الصحاح (193).
(¬3) "هذا" ساقط من "أ".
(¬4) في "جـ": "ما تقول في هذا".
(¬5) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 30 و 31)، والبغوي كما في الإصابة (3/ 432). وانظر: الأذكياء (29)، وسير أعلام النبلاء (3/ 26).

الصفحة 98