كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
جميلًا، فأرسلت إليهما المرأة: لا بد أن أراكما، وأسمع كلامكما، فاحضرا إن شئتما. فأجلستهما بحيث تراهما، فعلم المغيرة أنها تؤثر عليه الفتى، فأقبل عليه، فقال: لقد أوتيت حسنًا وجمالًا وبيانًا (¬1). فهل عندك سوى ذلك؟ قال: نعم. فعدد عليه محاسنه، ثم سكت. فقال المغيرة: فكيف حسابك؟ فقال: لا (¬2) يسقط عليّ منه شيء، وإني لأستدرك منه أقل من الخردلة، فقال له المغيرة: لكني أضع البَدْرَة (¬3) في زاوية البيت، فينفقها أهل بيتي على ما يريدون، فما أعلم بنفادها حتى يسألوني غيرها، فقالت المرأة: والله لهذا الشيخ الذي لا يحاسبني أحب إليَّ من الذي يحصي عليَّ أدنى (¬4) من الخردلة. فتزوجت المغيرة (¬5).
ومنها: فراسة عمرو بن العاص لما حاصر غزَّة (¬6)، فبعث إليه صاحِبُها: أن أرسل إليَّ رجلًا من أصحابك أكلمه. ففكر عمرو بن العاص (¬7)، وقال: ما لهذا الرجل غيري، فخرج حتى دخل عليه، فكلمه
¬__________
(¬1) "وبيانًا" ساقطة من "ب" وفيها: "وشبابًا".
(¬2) في "ب": "ما".
(¬3) البدرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم. القاموس (444)، مختار الصحاح (43). والبدرة: الطبق شُبه بالبدر لاستدارته. النهاية في غريب الحديث (1/ 106).
(¬4) في "أ": "أدق".
(¬5) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (60/ 51). وانظر: الأذكياء (29).
(¬6) غزة: مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر ولا زالت عامرة. معجم البلدان (4/ 299). وهي اليوم من مدن فلسطين.
(¬7) "بن العاص" ساقط من "أ".