كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

بل بين قليل أحدهما، وكثير الاخر في الفضل - أعظم مما بين السماء
والارض.
وهذا الفضل يكون بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل، وقبوله له،
ومحبته له، وفرحه به سبحانه وتعالى؛ كما يفرح بتوبة التائب أعظم
فرح، ولا ريب أن تلك التوبة الصادقة أفضل وأحب إلى الله تعالى من
أعمال كثيرة من التطوعات، وان زادت في الكثرة على التوبة.
ولهذا كان القبول يختلف ويتفاوت بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل:
فقبول يوجب رضا الله سبحانه وتعالى بالعمل، ومباهاة الملائكة،
وتقريب عبده منه.
وقبو 4 يترتب عليه كثرة الثواب والعطاء فقط.
كمن تصدق بألف دينار من جملة ماله - مثلا- بحيث لم يكترث
بها، والالف لم تنقصه نقصا يتأثر به، بل هي في بيته بمنزلة حصى لقيه
في داره أخرج منها هذا المقدار، إما ليتخلص من همه وحفظه، واما
ليجازى عليه بمثله، أو غير ذلك.
وآخر عنده رغيف واحد هو قوته، لا يملك غيره، فاثر به على نفسه
من هو أحوج إليه منه، محبة لله، وتقربا إليه وتوددا، ورغبة في مرضاته،
وإيثارا على نفسه.
فيا لله كم بعد ما بين الصدقتين في الفضل، ومحبة الله وقبوله [2/ 5]
ورضاه، وقد قبل سبحانه هذه وهذه، لكن قبول الرضا والمحبة
والاعتداد والمباهاة شيء، وقبول الثواب والجزاء شيء.
وأنت تجد هذا في الشاهد في: ملك تهدى إليه هدية صغيرة المقدار
13

الصفحة 13