كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
بالاتفاق، فانه وقع التشبيه في الثواب [لا] (1) على تقدير كونه مشروعا،
بل ولا ممكنا، كما في الحديث الصحيح وقد سئل عن الجهاد فقال
للسائل: "هل تستطيع اذا خرج المجاهد أن تصوم فلا تفطر، وتقوم فلا
تفتر؟ قال: لا. قال: ذلك مثل المجاهد" (2).
والمقصود: أنه لا يلزم من تشبيه الشيء [بالشيء] (3) مساواته له.
ومثل هذا قوله: "من صلى العشاء في جماعة، فكانما قام نصف
الليل، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، فكانما قام الليل كله " (4).
وهذا يدل على ما تقدم من تفضيل العمل الواحد على أمثاله
و ضعافه من جنسه، فإن من صلى العشاء والفجر [2/ 9] في جماعة ولم
يصل بالليل، تعدل صلاته تلك صلاة من قام الليل كله، فان كان هذا
الذي قام الليل قد صلى تلك الصلاتين في جماعة: أحرز الفضل المحقق
والمقدر، وان صلى الصلاتين وحده، وقام الليل، كان كمن صلاهما في
جماعة ونام بمنزله، إن صحت صلاة المحنفرد.
وهذا كما تقدم: أن تفاضل الاعمال ليس بكثرتها وعددها، وانما
هو بإكمالها واتمامها، وموافقتها لرضا الرب وشرعه.
(1) ليست في الاصل، وهي من نسخة المعلمي.
(2) رواه البخاري (2633)، ومسلم (4846)، وأحمد في المسند (2/ 344).
(3) ليست في الاصل وهي من نسخة المعلحي.
(4) رواه أبو داود (555) بانحو هذا اللفط، وعند مسلم (1489): "من صلى
العشاء في جماعة فكانما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكانما
صلى الليل كله".
22