كتاب بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث - ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)
ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ, فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، فَقَالَ مُوسَى: تَزْعُمُ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى الله، وَهَذَا أَكْرَمُ عَلَى الله مِنِّي، فَلَوْ كَانَ إِلَيْهِ وَحْدَهُ لَهَانَ عَلَيَّ, وَلَكِنَّ النَّبِيَّ مَعَهُ أَتْبَاعُهُ مِنْ أُمَّتِهِ, ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ, فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَإِذَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ, هَذِهِ مَنْزِلَتُكَ وَمَنْزِلَةُ أُمَّتِكَ, ثُمَّ تَلَى رَسُولُ الله صَلى الله عَلَيه وَسَلمَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَالله وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} فَدَخَلْتُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ, فَصَلَّيْتُ فِيهِ، ثُمَّ نَظَرْتُ, فَإِذَا أُمَّتِي شَطْرَانِ: شَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ رُمْدٌ، وَشَطْرٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ، فَدَخَلَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ, وَاحْتُبِسَ الآخَرُونَ, قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ جِبْرِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا الْوَرَقَةُ مِنْ وَرَقِهَا لَوْ غُطِّيَتْ بِهَا هَذِهِ الأُمَّةُ لَغَطَّتْهُمْ، وَإِذَا السَّلْسَبِيلُ قَدِ انْفَجَرَ مِنْ أَصْلِهَا، أَوْ مِنْ أَسْفَلِهَا نَهْرَانِ: نَهْرُ الرَّحْمَةِ، وَنَهْرُ الْكَوْثَرِ, قَالَ: فَاغْتَسَلْتُ فِي نَهْرِ الرَّحْمَةِ, فَغُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، وَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، فَسَلَكْتُهُ حَتَّى انْفَجَرَ فِي الْجَنَّةِ, فَنَظَرْتُ فِي الْجَنَّةِ، فَإِذَا طَيْرُهَا كَالْبُخْتِ، وَإِذَا الرُّمَّانَةُ مِنْ رُمَّانِهَا كَجِلْدِ الْبَعِيرِ الْمُقَوَّرِ،
الصفحة 174